د. عزيز القاديلي
تائهون في مدن تائهة، منسيون في أراض منسية، متخلفون في بلدان متخلفة، أمكنتنا تشبهنا و نحن نشبهها و الغريب أننا لا نستطيع الانفكاك عنها، حتى حينما نهجرها أو نبتعد عنها تظل عالقة في الأحشاء و الأمعاء و الخيال.
كسالى نحن و فوضويون، لدينا تضخم غريب و زائد في “الأنا” التي تمثلنا، أو “الأنا” التي نقدمها للآخرين دون أن يعني ذلك أنها “أنا” نابعة بصدق منا. نبني هذه “الأنا” بشكل ما، نعجنها مع خليط من الكبرياء و الكذب و البهتان، ثم نصدق أنفسنا أنها “أنا” منبثقة منا أو أننا ننتمي إليها، أو أنها “أنا” حقيقية.
ننتقد كل شيء و لا نسمح لأحد بأن ينتقد هذه “الأنا” المتيمون بها. نتهالك على كل شيء و لا ننتبه إلى أننا ندمر التوازن الذي بالكاد نضع فوقه أرجلنا.
نحن في حاجة مستعجلة إلى مسح كلي للذاكرة و المخيلة و كل ما تراكم بدواخلنا من تشكلات هلامية ميتافيزيقية. علينا أن نعود إلى نقطة الصفر أو إلى وضعية اللاشيء، مع المسح الكلي الذي لا يمكن بعده استرداد أي جزء و لو قليل من هذه “الأنا” طمعا في إعادة بناء جديدة لهيئة معنوية يمكنها مستقبلا أن تكون أصيلة أو أن تمثلنا بصدق.
عذراً التعليقات مغلقة