حوار مع كارلوس فوينطس..لا يخشى بياض الورقة

11 نوفمبر 2023
حوار مع كارلوس فوينطس..لا يخشى بياض الورقة

كارلوس فوينطس

CARLOS FUENTES

كارلوس فونتيس

كارلوس لا يخشى مواجهة بياض الصفحة

حاوره :فرانسيسكو بريخيل

ترجمة :محمد العربي هروشي

المترجم

س /ألا يرهبك فراغ الصفحة البيضاء؟

ج/ لا تخوف أدبي لدي،ودائما فدائما كنت أعرف ما أريد فعله، أقوم و أفعله، أنهض صباحا وفي السابعة وثمان دقائق ،هأنذا أكتب. تكون لدي رؤوس أقلامي ثم أشرع ،بين كتبي ،زوجتي، وحبي ،لدي ما يكفي كي أستمر في الحياة.

س/ ألا تعتقدون أنه ومع اكتمال السنين ،لا يصير الإنسان أكثر حكمة، وإنما أكثر بلادة ،بالقدر الذي يعتمد فيه على قناعاته القديمة؟

ج /ذلك متوقف على الشخص. أنا صديق حميم لجون دنيال مدير النوفيل أوبسرفاتور، فهو رجل قد أوشك على الواحد والتسعين و هو أكثر وضوحا منك و مني نادين غوردمبر بلغ تسعين عاما ونيفا، لويس راينير الممثلة أراها كثيرا بلندن لها قرن وعمان والآن اللعنة عليها.

عشت كثيرا أجواء بوينوس أيريس ، حل بها والدي مستشارا بسفارة المكسيك  عام 1943 .

وبما أن وزير التربية الوطنية كان  يومئذ هو، هوغو واست، كانت التربية التي تعطى في المدرسة فاشية. فقلت لوالدي” أنا أتيت من المدرسة الشعبية في واشنطن، لا أتحمل هذا. ” فرد أبي قائلا:” معك الحق كله، أنت في الخامسة عشرة ، تعاطى للتجوال.” وهذا ما فعلت، فخلال عام تحولت إلى مغرم بأوركسترا هانبال طروديلو،لاحقته في كل مكان. غذتني مكتبة أتينيو بالأدب الأرجنتيني، وقعت في غرام جارة تكبرني بضعف عمري، كنت في الخامسة عشرة بينما هي كانت في أوج الثلاثين وكلما عدت إلى المكان ذاته، انتابني الإحساس بأني مازلت في الخامسة عشرة حيث كانت هذه الفرنسية اليافعة أمامي .

س/ وهل كانت تتجاوب معك؟

ج/ بشكل كبير، لأن زوجها كان يمضي النهار كله في إدارة الأفلام بقاعة السينما.

س/ كيف تجدون المدينة اليوم ؟

ج/ تغيرت قليلا، إنها مدينة تشبه نفسها، كانت تمثل الأوج للزراعة والفلاحة ،انطلاقا من دومنغو ف و سارمينتو(1888- 1811) إلى حدود 1944 ،إلا أن الطرق الكبيرة  مازالت هي الطرق ذاتها ، والفنادق الفاخرة هي عينها … مكسيكو مدينة أكثر قدما، مدينة هندية أولا ثم بعد ذلك فهي مدينة كولونيالية عظيمة ،بيد إنها هذه كانت مجرد قرية عام 1820 عرفت طفرة كبرى فتحولت إلى بوينوس آيريس  ذات جاذبية كبيرة وعلى قدر كبير من الحداثة على صعيد أمريكا اللاتينية، فخلال تلك السنوات، احتقر الأرجنتيون كثيرا باقي شعوب أمريكا اللاتينية :فالبرازيليون كانوا بمثابة قردة الماكاكو، أما المكسيكيون فهم عصابات مسلحة ،والآن نحن جميعا سواسي.

ساغنني يرقص التانغو (رقصة أرجنتينية /م) بشكل جيد .كان يراقص زوجه…صدرت تصفيقات حارة …وقال لزيديو :”والآن جاء دوركم” فرد الرئيس علي:”كارلوس قم بتمثيلي” رقصت مع زوجتي ،فمثلت المكسيك بفضل رقصة التانغو .

س/ كيف بكاتب يتلقى ترحاب رئيس دولة يمتثل للإنصات ؟

ج/ يتعين على الكاتب الإنصات ، وإلا فإنه  لن يدري كيف يتكلم الناس. هذه الليلة مثلا ،قضيت ساعتين أو ثلاثا  وقعت خلالها  الكتب في المهرجان ،و لكن ،و بخاصة، كنت أنصت إلى الناس، لأنظر فيما يفكرون ،أكثر من أي شيء آخر ،إذ كنت أنا من يبادر لأسألهم .

س/ما موضوع كتبك الأخيرة وذاك الذي ستشرع في كتابته؟

ج / الذي انتهيت منه” فديريكو بشرفته” يظهر نيتشه مبعوثا من جديد بشرفته في الخامسة صباحا، فيما شرعت معه في محادثة .والذي سأشرع فيه وقصة المئة تنتهي ثلاثية العصر الرومانسي ،التي تغطي ما نظمه ألفارو أو برغون  صحبة خوسي باسكنتلوسي ،بحيث يغطي عشرة أعوام من الحياة في المكسيك .

لدي فصول كثيرة منه، ملاحظات وشخوص .ثمة امرأة تهمني على نحو خاص ،و التي لا تريد قول أي شيء عن ماضيها ،وستمضي مستكشفة ،رويضا ،رويضا ،إلى أن تصل إلى البحر فتتحرر.

س/ هل يجذبك شيء على نحو خاص في بداية هذا العصر؟

ج / تبهرني التحولات التي نعيشها اليوم .من كان سيتصور بأن التحولات ستنطلق من شمال إفريقيا ،ومن هناك توسعت في اتجاه قطاع أوسع من أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كثير من تلامذتي يقولون لي :” أنا دكتور و لا أجد عملا. ” أو يقولون :” أبي ارتقى إلى الطبقة الوسطى فيما أنا تقهقرت إلى الطبقة العاملة .” كذلك هناك تحولات هائلة بأمريكا اللاتينية ،بالرغم من محافظتها على نوع من الاستقرار .

فيما قبل كانت المشاكل تنطلق من أمريكا اللاتينية ،أما الآن فيبدو أنها ستصل إلى أمريكا اللاتينية ،إنه عالم لا ندري كيف نسميه. إذا أحد ما قال لدانتي بماذا كان سيحس وهو في قلب العصور الوسطى؟ كان سيقول” وما هي العصور الوسطى”.. لا يمكن تسمية هذه المرحلة، و إنما نحس بأن كل شيء قد تغير، فعصر النهضة كنت أعرف معناه.

أما عصر النهضة فلم أكن أعرف بأنه عصر النهضة .

س /كيف تتعاملون مع الإنترنيت و الشبكات التواصل الاجتماعية؟

ج / بقيت في حدود تعاملي مع الفاكس، أكتب يدويا على الصفحة البيضاء بريشة ، أصحح بالصفحة المقابلة، فزوجتي من  كانت تخبرني بالمستجدات.

فيما قبل كنت أقول سألجأ إلى الإنسكلوبيديا البريطانية للبحث ، و الآن زوجتي تقول لي ،عليك فقط أن تضغط على الزر وها كل شيء في متناولك.

س /هل تعتقدون بأنه في الأيام الأخيرة قامت ثورة صامتة من طرف النساء؟

ج / كانت ثورة صاخبة ،و لم تكن صامتة .بيد أن المشكلة لم تنشإ اليوم. خاصتك  (أي الثورة)هي انتصار للإنسانية ،و ليست فقط خاصة بالنساء .

……………………………………………………………………………………………

عن   EL PAIS عدد 10 09 2023

شاعر ،مترجم وباحث /المغرب .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com