نبيلة الوزّاني، شاعرة مغربية (قصيدة).. غادرتُ نفسي وعدتُ بدوني

17 مارس 2024
نبيلة الوزّاني، شاعرة مغربية (قصيدة).. غادرتُ نفسي وعدتُ بدوني

نبيلة الوزّاني

شاعرة من المغرب 

حينما يأخذُني النّومُ

لا أُشاهدُ أنواراً

تنْزلُ من سقفِ غُرفتي

لا أُشاهدُ نجماً يَطرقُ النّافذَة ،

ولا عَصافيرَ تُعلّمُني الطّيرانَ

أو تُشارِكُني الغِناءْ،

فقطْ صورةً مُعلَّقةً في عُنقِ الماضي

تُحَدّقُ في عَيْني باستغرابٍ مُلفِتْ 

***

كلُّ الأشياءِ فارغَة :

الوِسادةُ الضَّجِرَةُ من أرَقي ،

الخِزانةُ الجافّةُ مِنْ رائحةِ الصّندَلْ ،

عُلبةُ الألوانِ الباردَة ،

حتَّى فَساتينِي الحَميمَة

احتلَّتْها أنْفلوانزا الحَنينْ ،

والبابُ الذي لا بَصمةَ غير يَدي

تَحنُو على غُربتِهِ وَوَحْدَتي 

كلُّ شَيءٍ يَدْعُو للدَّهشَة

كلُّ شَيءِ يَقُودُ إلى الالْتباسْ ،

كلّ ما أراهُ أنّي أَطفُو فوقَ جَسدِي

في زَمانٍ بِلا إشارَةٍ

تؤدّي إلى مكانٍ مَأْلوفٍ يَعرفُني ،

منذُ أن لبستُ ابتسامةَ الآخرينَ

غادرتُ نفسي وعُدتُ بِدُوني 

***

حينما يُعاودني النَّومُ

أرانِي بضفائرَ يَشبكُها السّاتان ،

وتنّورةٍ من المَخمَلِ الأَحمرِ

تشدُّ أطرافَها قِطّةٌ مُشاِكسَة ،

أَفزَعُ …أَبْكِي … أَجْرِي

لأستقرَّ في قلبِ أُمّي ،

يَضُمُّني الهدوءُ

ورائحةُ الكَعكِ تَختلطُ  بِدفْءِ حنانِها ،

أَضحكُ كثيراً ، أُلاعِبُ القِطَّةَ

وأُطعِمُ الكَعكَ لِدُمْيتي الأثيرَة ،

نادراً ما لَمحتُنِي أمنيةً بفُستانٍ

مِنْ أُورْكَانْزا أو قَميصِ دَانْتيلْ 

***

حِينَما يُغادِرُني النَّومُ ،

تَتداخلُ الأسئلةُ في حِيرتِها

لا أدْري هلْ كنتُ هناكَ

أم أنّ الْ هُناكَ زارَني ذاتَ حُلمْ ؟

الحَقيقةُ أنّني مُرتبكةٌ بِشدَّة ،

لَيسَ بِحَوزَتي ما يُؤكِّدُ ثُبوتَ هَويّتِي

ليْس بِاستِطاعَتي ما يُثبتُ أنّي

كُنتُ أَرتدِي كَنزةً تُلائِمُ لَوْنَ التَّنُّورَة ،

أوْ ضَفائري تَقافَزتْ وراءَ حبْلٍ ضِعفَ قامَتي ؟

حتى أُرجوحَتي في حَديقةِ جدّي

أكَلَها بَردُ الغيابْ ،

فَمنْ لِي يَشهدُ أنّي كنتُ هُناكْ ،

أو أنّ خِزانتي ازدحمتْ ذاتَ فَصلٍ آخرَ

بالسَّكاكِرٍ … والفانِيلْيا …. والقُبُلاتْ …؟ 

****

كلّ ما أملكهُ الآن مِرآةٌ تتنكَّرُ لوَجهي

وذِكرياتٌ تُعانقُ هذا الاغترابَ القَديمْ ،

وظِلُّ امرأةٍ يُطِلُّ مِنَ الجِدارِ

يَأخذُ الأَمسَ قِطعةً … قِطعةً…

إلى ما وراءَ السّرابْ ،

وسُؤالٌ كَجرَسٍ فقَدَ صَوتَه :

ماذا بَقِيَ مِنَ التِي في الصُّورٍة ؟!!!

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com