و لما رأيتُ البدرَ في الليلِ ساطعًا تذكرتهُ
و الشيء بالشيء يُذكرُ
د. توفيق رفيق التونچي
الأتراك في بلادهم الحالية ، تركيا، وخاصة في فترة الحكم العثماني كانوا يطلقون صفة” العرب” الى اسم الأفراد محصورا بذوي البشرة الداكنة السمراء والشعر المجعد.
الكلمة تستخدم كذلك للتشبيه وليس للتجريح. من الطبيعي لم تكن هناك التسميات الوطنية للدول الحالية للأشخاص والبضائع (الأشياء) كقولنا سعودي او اردني مثلا. بل كانت التسميات للأشخاص والانتماء تعني المدينة، فيقال البصري،الحلبي ، المقدسي او تستخدم تسميات قديمة مثل الشامي، الحجازي, العراقي، مغربي، نجدي و يماني…… وربما هذا الوصف أي “العربي” أطلقته شعوب اخرى تاريخيا على جميع مَن هم من ذوي البشرة السمراء فوصفوا بالأميرة العربية وحتى الملك العربي اي الأسمر. هذا كان يعني ان بشرة الشخص سمراء ولا تعني انتماءه الى بدو الصحراء ولكنه فقط للتميز مع ذوي البشرة البيضاء الشامي والحضري.
اهل الحضر في المدن كانوا بصورة عامة من ذوي البشرة الفاتحة لكونهم مختلطين باقوام كثيرة والحضارة اثرت عليهم حيث يعيشون في بيوت عادة ولا يعملون تحت الشمس المحرقة وليسوا في الخيام ولا يقضون وقتا طويلا في البراري والصحراء وطبعا ليسوا كالفلاحين يحرثون الأرض.
الممثل التركي جلال عرب كني ب “عرب” لمجرد انه كان اسمر وهو من مواليد مدينة سيواس في شمال تركيا.
يستخدم الاتراك لحد هذا اليوم الكلمة في قولهم مثلا:
“ئانادمسا عرب اولايم“
ما تعني بالعربية:
اكون عربيا اذا فهمت
المصطلح يستخدم . للدلالة على انه الشخص المتحدث صادق وليس بكاذب ولم يفهم ما قيل له وهنا تعني صفة او نعت ” عرب” اللون الأسود للبشرة اي البشرة الداكنة السمراء تيمنا بنص الوارد في الذكر الحكيم في قوله تعالى}: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ… { آلعمران الاية ١١٦
“إذا فهمت سأصبح عربياً”
هذه الجملة تستخدم كذلك للتعبير عن أن الشخص المخاطب لا يفهم حديث الشخص المتحدث، موقفاً أو تفسيرا اًلامر ما على الإطلاق ويجده معقداً أو غير مفهوم، سيشعر وكأنه شخص لا يعرف ثقافة أو لغة مختلفة تمامًا عن اللغة التي يتكلم بها. يستخدم هذا التعبير عادةفي سياق هزلي للإشارة إلى أن المخاطب في حيرة من أمره لدرجة أنه يصف نفسه كشخص عربي لا يفهم اللغة التركية. كما تستخدمهالعامة للدلالة بان الشخص ليس غبيا ويفهم ما يقال. وهذا طبعا واضح ياتي من عدم فهم العرب للغة التركية ابان تواجدهم في زياراتهم للدولة العثمانية انذاك. بقت الجملة تستخدم ولحد اليوم ضمن اللغة التراثية التركية الحديثة. ويستخدم هذا النعت كذلك عند شعوب اخرى لجهل الاجنبي للغتهم كما نحن في العراق نستخدم تعبيرا مشابها في قولنا:
“ليش اني هندي“
او في مصر مثلا:
“انت تسكردني ”
على اعتبار ان الكورد كانوا ابان حكمهم لمصر لا يفهمون العربيةاو بالاحرى اللهجة المصرية ايام حكمهم لمصر في فترة القائد صلاح الدين الايوبي ومن خلفه .
. الجميل ان في دولة رومانيا يستخدمون مصطلحا اخر وهو مصطلح:
” يهطل المطر عنده ”
اي لا يفهم ما قيل له او لعله في عالم اخر او يوحي للآخرين بعدم المبالاة.
كما يستخدم الاتراك مصطلحات اخرى مثل:
“عرب ساچي“
اي شبيه بشعر العرب المجعد .حين تكون الأمور والقضايا معقدة كالشعر العربي المجعد المتداخل المشبك. اي تشبيه الشكل والمظهرالخارجي بالشعر المجعد. نرى ان في الموروث الشعبي انهم يستثنون العرب السادة من الأشراف الهاشميين حيث يعتبرونهم من ذوي البشرة البيضاء. اعتمادا على وصف الإمام علي بن ابي طالب ،كرم الله وجهه هيئة ووجه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الوثيقة الموجودة في احدى متاحف استانبول في القاعة المقدسة مقابل جامع السلطان فاتح (الصورة ادناه للكتابة التقطتها من داخل الغرفة المباركة في المتحف الإسلامي في استانبول).
بصورة عامة يعتبر الأتراك” العرب” في تراثهم ممن خانوا الدولة العثمانية واتحدوا مع الكفار الانكليز و الفرنسيين ابان الحرب العالميةالاولى مما ادى الى قتلهم الجنود العثمانيين من المسلمين في معظم ارجاء الولايات العثمانية وقبر بطونهم على امل العثور على الليراتالذهبية العثمانية وامور اخرى كثيرة من الروايات المتداولة حصلت ابان تلك الفترة التاريخية وكان من نتائجها انفراط عقد الدولةالعثمانية وانهيارها. بقى ان نعلم بان تلك الأحاسيس قسما لا تزال جذورها باقية كارث شعبي بين العامة من الناس من البسطاء.
وهناك اقوال اخرى اعتبرها بنفسي تجريحا كما في قولهم:
نا شامن شكري ونده ارابن يوزي
اي لا حلو الشام ولا وجه العرب.
حيث يقال للأشخاص غير المحبوبين وغير المرغوب فيهم ذو السحنة السمراء او السوداء الذين لا يريدون رؤيتهم على الرغم من نفسهمطيبة. هنا كذلك نرى بان استخدام كلمة عرب للدلالة على لون البشرة عن طريق القياس بين حلاوة شكر الشام بوجه العربي الأسمر الداكن.
“عرب ساچي، اوتو، چيچغي“
تستخدم الكلمة للدلالة على نوع من الخضراوات ونوع من الزهور المجعدة كالشعر. وهناك كذلك اكلة تسمى ب (عرب ساچي). انوجود امثال قياسية بين لون بشرة العربي الأسمر وامور مشابهة بالشعر المجعد ياتي ضمن اللغة التراثية للشعب التركي للتشبيه وليس الا ولا تاتي من باب التجريح او الذم وهذا ما اود تأكيده في هذه المادة اي ان العلاقة تاتي ضمن التشبيه .
٢٠٢٤
عذراً التعليقات مغلقة