بقلم المراقب السياسي
واشنطن
الولايات المتحدة ترى ان الفشل في تطبيق القرار الدولي 2254واتفاقيات استانا والاعتماد على روسيا وايران عوامل تقف وراء الانهيار السريع لنظام بشار الاسد
كان ذلك اول رأي امريكي تمهيدي
وجاء الحسم الامريكي من خلال رأي الرئيس الجديد ترامب حين قال ، لا نتدخل في سوريا وندعها لمصيرها وهي ليست صديقة
في اشارة اكيدة الى تأييد التغيير الحتمي في سوريا والذي بزغت ملامحه الاولى مع فجر الثامن من كانون الاول 2024، حين طوقت المعارضة السورية دمشق واخترقتها من اريافها وسيطرت على داريا، وفر الحرس الجمهوري من محيط منزل بشار الاسد الذي يبدو انه كان قد غادر دمشق الى مكان سري .
لقد سقط نظام بشار الاسد وانكسر ظهر محور ايران.
لقد شهدنا كيف عشعش وهم كبير في مراكز قرار النظام بدمشق بشأن عدم امكانية اعادة المعارضة المسلحة السيطرة على مدن كاملة، حتى توالت المفاجآت الميدانية السريعة الاخرى في اطار ذلك الوهم السياسي .
ما قاله رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو قبل اسبوع في انّ الرئيس السوري بشار الاسد يلعب بالنار في اشارة الى السماح بتوريد السلاح من ايران الى حزب الله ، كان اخر رسالة تصل في اصعب التوقيتات وتعبر عن فيض الكيل ، ويبدو انّه كان هناك مراهنة في مؤسسة الحكم بدمشق على الخيارين الروسي والايراني مع المناورة بالتطبيع مع السعودية وعموم العرب ، لكن القراءة تبقى ناقصة ولا تصل الى مقتربات ما يجري على واقع الارض وفي سياق تاريخ الحرب السورية الداخلية التي اندلعت في العام 2011 ولم تنته “بأي اتفاق سياسي او وضع دستوري جديد ،وقد جرى تذويب كل المشاريع السياسية ومباحثات دولية في “استانا” او “جنيف بما جعل الوضع في مؤسسة الحكم يصيبه نوع من الغرور السياسي والامني، وكان هذا نوعا من الامراض التي اصابت عددا من الانظمة السياسية في تاريخ العرب الحديث..
الفرص تأتي مرة واحدة ولا تتكرر في التاريخ ، الا في عهد حكم “حقبة الاسد” في سوريا ، فقد تكررت الفرص لانعاش النظام بشكل يعطيه اوكسجين الحياة حتى حين كان الحبل على العنق ، وشهدنا ان روسيا وتركيا وايران اجتمعت في الدوحة السبت 8 كانون الاول من اجل ضخ الحياة في جسم النظام السياسي بعد ان مات سريريا منذ ايام . لم يتم الافادة من فرص التأهيل السابقة لتطويع النظام العلاقة مع السوريين سياسيا ، وبقيت عقلية حكم فترة السبعينات والثمانينات سائدة في دمشق وهي عقلية المذابح التي قتل فيها ابوه حافظ الاسد وشقيقه رفعت الاسد ستين الف انسان في حماة 1982 ، وهو الامر الذي يتنافى مع منطق التاريخ وسيرورة الاحداث.
بعيدا عن اي تسمية لتصنيف قوات المعارضة المسلحة التي سيطرت على كامل “ادلب” و”حلب” و “حماه” و” حمص”، فإن هناك فجوة بالساعات والايام كانت تتسع بين نظام الحكم والوضع الشعبي لاسيما بعد انتهت المرحلة الاولى من الحرب قبل خمس سنوات ولم ينتج عنها مشروع سياسي جديد لسوريا.
ما يجري اليوم هو فرض امر واقع بتأييد ضمني من توافقات دولية واقليمية ، ولم يعد اللاعب الايراني والمليشيات الشيعية المرتبطة بالحرس الثوري وحوزة النجف في موضع قوة للحسم، بعد الهزيمة التي لحقت بحزب الله وتقطع سبل التواصل بين اطراف محور ايران.
بل ان هذه الاطراف جميعا تنصلت من بشار وتركته لمصيره الاسود
هناك تاريخ جديد في سوريا ، قد لا يشمل كل سوريا في اللحظة ، لكن هناك تغييرات اساسية في الواقع لا يمكن تجاهلها.
وفي وسط ذلك كله، سقطت نظرية ما يمثله حكم الاسد ومعادلة “الساحل” في الامساك بخيوط اللعبة .
هناك ساعات مهمة مقبلة وليست اياماً.
لاسيما بعد السيطرة على سجن صيدنايا واختراق دمشق.
عذراً التعليقات مغلقة