أفراح الجبالي
شاعرة من تونس
(ليستْ مَزحة) فعلا، جدِّي إنسانٌ قَبصِيّ. هذا يُشبِهُ عَشاء فَرَح في وَطَني،
لكنَّها رَصاصَةٌ لا نهايةَ لها، دَمَويَّةُ المَصدَر.
رأيْتُ في حُلمِها
جُرحِي الغائر،
وقَد تَقدَّم رِجلِي اليُسرَى، لكنَّ الصَّوَّانَ* يَغمُرُني،
في كُلِّ مكانٍ يَعثرُون فيه
على اللَّونِ الأحمَر.
كان هناك نِساء في عُرُوقي، شَعُرتُ بالقَشِّ
على قامَتي، أسفَلَ التلَّة،
حَولي الكوارتِزْ الفَاتِح،
وفي الصَّدر الفَراغْ.
○
أحرَقَني الصَّمت.
وهذا التَّعرُّضُ للشَّمسِ لا يَصدُّه جِدار.
رأيتُ الكَهفَ في الحُلم الذي يَصعَدُ منه دُخَان الدُّجى،
وأكوامَ الحَلزونِيات
وكانتْ واقِعيَّة إلى دَرجةٍ مُذهِلة. هيَ ليستْ لتُندَّى عَروسُ المَطر،
ولا لتَقْرِيب ما يقيهِنَّ مما لا نَرَاه،
تَجرِيدِيٌّ بمُغْرَتي في القِطعانِ وليستْ الحِنَّاء،
(أ تَسمَعِين؟)
لمْ أكُن أعَبِّرُ .
تَعلَّمتُ أن أصطَادَ خَوْفي،
قَلَقًا عليه. مِن خوْفِي أقِف على قلْبي!
○
النَّصلُ هذا نَصلُه.
الكَبشُ عُلُوّ في سَقْف المُؤَمَّل، ودَلِيلُه.
عَقِيق كثيرٌ وَجَدُوه على مَقرُبة مِن المَرجِ القديم،
مَرَّ بالوديانِ كعُشبٍ لي،
قدْ يَقِيني هذا…
يُقبِل الأجدادُ مِن ألْوَاح الحَجَرِ الجِيريّ، ومِن الأنقاض أيضا،
ومِن اليَشْب الأحمَرِ في مَغارتِه المَسقُوفة بِآخَر ،
أمَّلْتَني خَيرًا أيُّها المَأوَى…
الآن، يَحمِينِي هذا مِن البَرد،
مِن الاسْتِسلام.
○
هذا الإنسَان الذي يَغمُرُني لأقُوم، هنا
على رأسِي،
يَرسُمُ دَائِرة
(ربَّما، الدَّائرةُ على رأسي قِشرَةُ النَّعامَة، صَحيح؟)
و رُبَّما،
لنْ يَنجِّيني الحلمُ الذي أشعُرُ فيه بالبَردِ، مِن التَّجمُّد.
ما الذي يَحمِلُ هذا الإنسانَ على الانثِناء، هكذا، في مُنحَدراتِ حَياتي،
حِينما يَشعرُ بهذا السُّورِ الحَزِين؟
○
الحاضِرُ غُرفةُ الرَّنِين المُمغْنَطة
الغُرفةُ مفتُوحة
والتَّنفُّس مُستَغْرِقٌ في سَيلانِه
داخِل هَيْكَل مُجوَّف، خاو.
مائِيّ
سائِل
هذا الآن
في نَسِيج الظَّهِيرة.
و في الأثناء، الرَّصاصَة الحَجَريَّة الحُرَّة
طَلِيقَة
ولا يَكشِفُها الصَّدَى
_______
تنويه: * لَوحةٌ فنيَّة مِن حَجَر الصَّوَّان: رقاقةٌ مُسطَّحة أحاديّة الوجه، تشتمل على علامات محفورة نُقشتْ عليها دوائر مع خطوط مُشعَّة إلى الخارج، إحدى الدوائر تحتوي على مناطق محفورة خطيّا وكتليّا متصلة ببعضها البعض عُثر على اللَّوحة في شمال أفريقيا وتنتمي الى العصر الحجري الحديث منذ 8500 إلى 3000 سنة .
القصيدة خاصة لصحيفة قريش -ملحق ثقافات واداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة