لهفةُ الفجرِ الأوَّل

ندى الحاج

شاعرة من لبنان
في السلامِ الخاشعِ على أبوابِ السماءِ قرعتُ
قرعتُ حتَّى فرغتْ يدايَ
اِنتشلَتْني يدٌ وعلَّقَتْني هناك
حيث العالمُ لن يراني كما أنا
وأراهُ كما هو
سأطيرُ إلى كوكبِ الحُبِّ
وأسهرُ على رحيقِ العاشقِين
وأغسلُهم بدموعِ الفرح
تلك التي لم يغسلْني بها أحد
وأستوطنُ الغيومَ حتَّى عودتي
في قطراتِ النَّدى ولهفةِ الفجرِ الأوَّل
سأزرعُ الحُبَّ في التراب
وأُكملُ السفرَ بابتسامةٍ موعودةٍ باللِّقاء
لن أتركَ روحي وحدَها في وحشةِ الغياب
سأملؤها ماءً وألحاناً
وأطوي الرنينَ الذي أهداني السبيل
والياسمينَ في العيون
وحفيفَ الخطواتِ الطائرة
سأفرشُ الرحيقَ وأُغمِضُ جفونَ المسافات
وأذهبُ بعيداً لأَصطادَ ألحانَ الريح
سأستفيقُ من نومٍ عميق وأتخفَّى في زَيِّ فقير
يُوزِّعُ البسماتِ وهو ضرير
سأختفي وأتركُ شوقاً في لهفةِ عابرِ سبيل
لن أعودَ كما كنتُ ولن أحزنَ على ما لم أكُنْهُ
أنا ما أنا وسِرِّي معي
سارت بي الحياةُ لغزاً وقبِلتُها شراعاً
أبحرتُ بلا قبطان
لأصلَ وحدي إلى الشُّطآن
حيث الحُبُّ الطائفُ هنا
هل نحياهُ على شاطئٍ تحت جفونِنا، حين نُغمضُها؟
لا تنسَ أني مررتُ يوماً
ونسيتُ عطراً في النسيم
غابَ عنِّي ما سِواهُ
وكانَ سهْوي أرقَّ من عبوري
وعبوري أخفَّ من حنيني
وحنيني أعمقَ من حياتي
وحياتي رهيفةً كورقةٍ في المطر.
*من كتابي الأخير “خطواتٌ من ريش” – عن دار المتوسط
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة