النظام الأسدي البريتوري ..امتداد حاجز قلنديا

1 يناير 2025
النظام الأسدي البريتوري ..امتداد حاجز قلنديا

د. محمد عياش

– كاتب وباحث فلسطيني- سوريا 

ما اندلعت المظاهرات الشعبية في درعا جنوب سوريا 2011، إلا وكان النظام يُعد العدّة للتصدي لها بكل الوسائل والسبل، ولو أدى ذلك مقتل المئات والآلاف من الشعب السوري، والحجة أنهم ينفذون أجندة خارجية، بالرغم أنها بدأت بكلمات خطّها أطفال على الجدران للتعبير عن الرفض المتراكم لهذا النظام المجرم القمعي الدُغمائي الذي يرى نفسه أكبر من الدولة والشعب وأن الله خصّه للحكم فقط .

استمات النظام المجرم، حين دفع بعض الناس للدفاع عن أنفسهم ببعض الأسلحة الخفيفة ليلصق تهمة العسكرة للثورة وبالتالي لا ضير من استخدام مختلف أنواع السلاح، مجزرة الغوطة كانت هجومًا كيميائيًا نفذته قوات الأسد في الساعات الأولى من يوم 21 أغسطس/ أب 2013 .

ذات مرّة همست في أُذن صديق، أن هذه الحواجز امتداد لحاجز قلنديا في فلسطين المحتلة، وبالتالي فإن الخطأ ممنوع أو التراخي والتهاون، وعلى كل عسكري على الحاجز أن يكون فظاً غليظاً قدر المستطاع لإدخال الرهبة والخوف في نفوس الناس الذي يؤمنون ويدركون أن هذا النظام لا يحمي البلد بقدر ما يحمي الرئيس وأعوانه وزبانيته.

إن العساكر التابعين للنظام السوري البائد، استوطنوا الحواجز فبدلاً من أن تكون نقطة تفتيش وتفييش أصبحت منامة ومكان لتربية الدواجن والحمام، وحتى الكلاب، وبعض العساكر زرع الأرض بكل المواسم، ناهيك عن تنك الورد والياسمين والدواليب الكاوتشوك التي أبدعوا بتزيين المدخل للحاجز ذهاباً وإيابا ً.

أثناء المرور بمنطقة المعضمية القريبة من العاصمة السورية دمشق، رأيت حجم الدمار وأهواله، والخراب الذي حل بها بعد أن كانت جنة لأهلها وناسها، قلت حينها ، كم أنت عظيم يارسول الله. لأن الأعداء صبوا جام غضبهم على أمتك، وأكثر ما مزق قلبي رؤية المساجد وهي مبعثرة بالأرض ما دلّ عليها إلا مئذنتها التي أبت إلا أن تكون شاهدا ً على الإجرام الأسدي البغيض . 

هل يعقل النظام الذي يدمر الأرض تدميراً سجاديا ً ممنهجاً، أن يكون في قاموسه مقارعة العدو الصهيوني، أم هذه وظيفته الأساسية والرئيسية؟ بعد السقوط المدوي والانهيار السريع تكشّف للقاصي والداني حقيقة التوظيف الصهيو- أمريكي، مع إعطائه مساحة كبيرة من الشعارات والخطابات التي تخدع المواطن السوري.

اليوم ومع فرار الرئيس الأسد إلى روسيا، تأكد للجميع حقائق كثيرة لا يتسع المقال لذكرها على سبيل المثال لا الحصر، شق العصا الفلسطينية على الأراضي السورية، فمعظم الانشقاقات للفصائل الفلسطينية التي حصلت بمباركة الرئيس الأسد الأب، وبمباركة صهيو- أمريكية وهنا نستذكر كلمة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عندما حاول الأسد الأب اغتياله على طريق حمص،ما الذي دفعك للخروج من بيروت والذهاب لتونس؟ أجاب لقد كنت أحارب شارونين، شارون إسرائيل وشارون سوريا !.

إن الحالة الوظيفية للحكم في سوريا، وضعت النظام تحت الضغط مع بداية ما يسمى الربيع العربي، والكثير من المحللين والمفكرين استبعدوا وصولها لدمشق، وحتى وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس صرّح أن سوريا غير الدول العربية بحكم خبرته بطبيعة النظام والدول الداعمة له، الاتحاد السوفيتي سابقا ً وروسيا حاليا ً.

يعتبر النظام السوري نظاماً بريتورياً بامتياز، حيث نجح لأكثر من نصف قرن بالمحافظة على الحكم، من خلال تقوية الحرس الجمهوري، الذي يخلو قيادته من الطوائف الأخرى، الأمر الذي جعل سوريا بأكملها تدار بيد وحوش ضارية تتصارع وتتنافس فيما بينها على حساب المواطن السوري المسكين، والأفرع الأمنية التي استوحشت بدورها وأسست لثقافة الرعب عند المواطن السوري حتى غدا المواطن يخشى من الحيطان أن يكون لها أذان، بالإضافة إلى إعفاء هذه الأفرع الأمنية وقوى الجيش بكافة تشكيلاته من المساءلة والمحاسبة.

الحرس البرايتوري أو البريتوري باللاتينية: (Praetoriani) أو الحرس الإمبرطوري هو الحرس الشخصي المسؤول عن حماية الأباطرة الرومان في روما القديمة.

حاول النظام السوري أن يظهر بمظهر المتحكم والمتزن خلال حرب الكيان الصهيوني على غزة ولبنان، إلا أن إيران ورطته أكثر من خلال تماديها على الأرض السورية واتهامها له بإعطاء معلومات وإحداثيات عن مكان وتواجد المستشارين العسكريين الإيرانيين، فكانت أزمة تكبر شيئاً فشيئاً، وعندها راوغ مع كل الشركاء والحلفاء بالكذب تارة والتنصل من التفاهمات تارة أخرى ليجد كلاما ً لاذعاً من القيصر الروسي بوتين في الزيارة الأخيرة لموسكو، وأدرك حينها أن الحبل السري بينهما انقطع، وكانت النهاية الحتمية لهكذا حكم ظالم …

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com