عبدالواسع الفاتكي
يعيش جل مسؤولي اليمن من الدرجة العليا والمتوسطة ، ومسؤولو السلطات المحلية في المحافظات المحررة ، في بحبوحة من العيش ، ميزانيات تشغيلية وحوافز ومكافآث ونثريات وبدلات سفر وغير ذلك ، المال العام يتصرفون فيه كيفما يشاؤون ، يسخرونه لمصالحهم الشخصية ومصالح أقربائهم واللوبي المتخادم معهم ، إنهم يسرقون بمنتهى الوطنية ، ويخونون بمنتهى الأمانة ، ويفسدون بمنتهى الصلاح .
في الجانب الآخر يعيش جل اليمنيين على حافة المجاعة ، بلا رواتب ، تسد رمقهم ، بلا خدمات ، بلا استقرار للعملة الوطنية ، مؤخرا أفصح عن فساد بمليارات الدولارات في سبع جهات حكومية ، فيكف إذا تم الكشف عن مقدار الفساد في بقية مؤسسات السلطة الشرعية ؟! يا ترى كم ستكن أرقام المليارات المنهوبة ؟!
يتفرد اليمن بكونه من أغنى دول العالم باللصوص والنهابة ، ويتفرد بعض المسؤولين اليمنيين بقدرته على إلسطو على المال العام ، وبكل احترافية وشجاعة ، وبطمأنينة شديدة ؛ لأنه موقن أنه لن تطاله يد المحاسبة ، بل إنه كلما أمعن في الفساد ، وأثبت فشله وعجزه عن خدمة الناس ، ورعاية مصالحهم ، كلما وفر له ذلك فرصا أقوى للترقي والصعود في سلم السلطة ، أو الانتقال والتعيين لجهة حكومية أخرى ، ليبدأ رحلة جديدة من رفع أرصدته المالية ، وتكوين شبكة استثمارية ، تضمن له أن يبقى متمتعا بما كسبه من مغانم السلطة لفترات طويلة ، وفي أسوأ الاحتمالات يتم إقالته ، ليمنح قسطا من الراحة ، متفرغا لإدارة استثماراته وتطويرها ، ريثما يحصل على مقعد في توليفة جديدة في تشكيل سلطوي جديد .
إن ممارسة الفساد ولو بحده الأدنى في ظل حرب تطحن رحاها المواطن اليمني على مختلف الأصعدة تعد خيانة عظمى ، وجريمة جسيمة لا تقل خطرا عن جريمة انقلاب المليشيات الحوثية ، وإن مسؤولي السلطة الشرعية الملوثون بالفساد والغارقون فيه ، يعدون رديفا للمليشيات الحوثية في تدمير اليمن وزعزعة استقراره ، لا يمكن لفساد أن يمنح شرف تحرير اليمن من المليشيات الحوثية ، ولن يتحرر اليمن منها إلا على أيدي قادة مخلصين ، منزهون من أي فساد ، يقيمون في أوساط الشعب ، يعانون ما يعانيه ، ويقاسمونه شظف العيش ، اعتقد ان من المنطق والصواب ألا نعقد آمالنا على تحرير أو تنمية وبناء دولة ممن غادروا اليمن ، واستمرؤوا العيش خارجه ، تاركين الشعب لمصيره يدفع ثمن انقلاب المليشيات الحوثية وجرائمها ، وثمن فساد وفشل وعجز السلطة الشرعية .