ثقافة الاستهلاك .. ضرورة أيضاً

18 يناير 2025
ثقافة الاستهلاك .. ضرورة أيضاً

أ.د. أحمد محمد القزعل

 تشير ثقافة الاستهلاك إلى مجموعة من القيم والممارسات والأنماط السلوكية التي تتعلق بشراء واستخدام السلع والخدمات، كما ويُنظر إلى الاستهلاك على أنه ليس مجرد تلبية للاحتياجات الأساسية بل أيضاً كوسيلة للتعبير عن الهوية الاجتماعية والمكانة الفردية. 

تلعب ثقافة الاستهلاك دوراً حيوياً في الاقتصاد والمجتمع، فهي تحفز الطلب على المنتجات والخدمات مما يؤدي إلى تحريك عجلة الاقتصاد ودعم الابتكار وتسهم في تحسين جودة الحياة من خلال توفير السلع والخدمات التي تسهل الحياة اليومية وتلبي احتياجات الأفراد. 

ومن أهم أسس ثقافة الاستهلاك الرغبة في الامتلاك حيث تعزز هذه الثقافة فكرة أن الامتلاك يؤدي إلى السعادة والرضا الشخصي، وللتأثير الإعلامي والإعلاني دور فعال في تكوين وتوجيه رغبات الأفراد نحو استهلاك منتجات معينة، كما أن التقليد والمنافسة الاجتماعية وسعي الأفراد لاستهلاك المنتجات يعزز مكانة الأفراد المستهلكين اجتماعياً، ولا بد من توافر القدرة الشرائية حيث تعتمد ثقافة الاستهلاك بشكل كبير على مستوى الدخل والقدرة الشرائية للأفراد.

ومن مقومات ثقافة الاستهلاك: التكنولوجيا والابتكار حيث أن الابتكارات التكنولوجية تزيد من خيارات المستهلكين وتفتح مجالات جديدة للاستهلاك، كما أن التعليم والتوعية يعمق فهم المستهلك لحقوقه وواجباته وكيفية اتخاذ قرارات استهلاكية مدروسة، وتساهم السياسات الحكومية الداعمة لثقافة الاستهلاك في تحفيز الطلب وتشجيع الإنفاق وتوفير المنتجات والخدمات من مختلف أنحاء العالم .

ولقد دعا الإسلام إلى تحقيق التوازن والاعتدال في جميع جوانب الحياة وعزز فكرة القناعة والزهد وترشيد استخدام الموارد بما يحقق المنفعة وشجع على استهلاك الموارد بشكل معقول دون إسراف أو تبذير، ولقد حذر القرآن الكريم من الإسراف، كما في قوله تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف: 31). 

ولا بد من تطوير ثقافة الاستهلاك من خلال التوعية بأهمية الاستهلاك المسؤول عبر برامج تعليمية وإعلامية تهدف إلى نشر ثقافة الاعتدال والتوازن في الاستهلاك، وضرورة تعزيز مفهوم الاستدامة وتشجيع المستهلكين على اختيار المنتجات الصديقة للبيئة ودعم الشركات التي تتبع ممارسات مستدامة، مع التركيز على اتباع نظام الادخار وتوعية الأفراد بأهمية الادخار وتجنب الاستهلاك الزائد الذي يؤدي إلى الديون والمشاكل المالية، وتعميق وتعزيز القيم الأخلاقية في الاستهلاك مثل العدالة والقناعة واحترام حقوق الآخرين، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر توازناً وتعاوناً.

حقيقة فإن ثقافة الاستهلاك تمثل جانباً مهماً من الحياة المعاصرة ولكن يجب إدارتها بحكمة وتخطيط؛ لتجنب الإفراط والتبذير والتركيز على الاعتدال والقناعة، ومن خلال التوعية وتعزيز القيم الأخلاقية يمكن تطوير ثقافة الاستهلاك المسؤولة التي  تدعم الفرد والمجتمع في آن واحد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com