المغرب : 18 ألف احتجاج بالشارع سنويا
على بعد عام ونصف من الانتخابات..
عبدالرحيم أريري
كاتب وإعلامي من المغرب
كل يوم تعرف المدن المغربية ما يقرب من 50 مظاهرة احتجاجية ( أي ما يمثل 18 ألف احتجاج بالشارع سنويا)، تعلق الأمر بالمطالبة بتوفير النقل أو الماء الشروب أو ملاعب القرب أو المستوصف، أو الاحتجاج على الغلاء وتردي ظروف التعليم، أو ضد قرار حكومي استهدف فئة اجتماعية وإدارية معينة.
المثير في هذه السلوك الاحتجاجي أن معظم الذين يتولون تعبئة المحتجين في صفوف الأحياء أو القطاعات المتضررة، هم أناس ينتمون في الأغلب الأعم إلى العائلة اليسارية بكل تلاوينها. وهنا مربط الفرس؛ إذ في الوقت الذي نجد اليساريين حاضرين بقوة في المجال المدني وفي مجال التعبئة الاحتجاجية، نرى حضورهم جد باهت، بل ومحتشم على مستوى المؤسسات الدستورية المنوط بها تقعيد السياسات العمومية وطنيا وجهويا وتفعيلها على أرض الواقع، علما أن السياسي هوالمسؤول على تصريف آمال المواطنين وتطلعاتهم في قرارات وتدابير عمومية.
وهنا يطرح السؤال: كيف يتمكن مناضلو اليسار من تعبئة الشارع للاحتجاج ويفشلون في تعبئته للذهاب للتصويت على قادته وممثليه بالبرلمان والجماعات الترابية؟
هل وظيفة اليسار هي “التحياح ” بالشارع فقط، أم هناك حاجة لضمان إيصال رموزه لمقاعد القرار بالبرلمان والحكومة والجهات والجماعات لأجرأة سياسة عمومية تقطع مع التهميش والإقصاء وتؤمن التوزيع العادل للثروة وتضمن العدالة المجالية؟
إن عدم تناسب حضور اليسار بين تأطيره القوي للحركات الاحتجاجية بالشارع، وعجزه عن تأطير الناخبين للمشاركة في الاقتراع يكشف عن خلل ما في العملية السياسية.
نحن الآن دخلنا للعد العكسي للانتخابات المقررة عام 2026، وهي محطة ليسائل اليسار نفسه لتقديم أجوبة تفسر هذا التناقض الحاصل بين تماهي الشارع مع رموز اليسار للاحتجاج، وإمساك نفس الشارع عن الذهاب لمركز الاقتراع للتصويت.
الكرة في ملعب “يسار الكافيار” و”اليسار المخزني” و”اليسار الراديكالي”، فالعديد من المغاربة سئموا أن يبقى اليسار مجرد “طياب العنب” !!
المقال خاص لصحيفة قريش – لندن