الدكتور رياض حامد الدباغ *

تشكل النفايات هاجسا للعديد من دول العالم وخاصة الدول النامية وتشير التقديرات إلى أن تدوير النفايات لا يحقق نظافة البيئة فقط وإنما يمكن أن تدر مبالغ عالية للاقتصاد الوطني لاي دولة
وفي الوقت الذي تشتكي دول كثيرة حول العالم من أزمة النفايات وتكدسها نجد دولاً أخرى تبحث عن هذه النفايات بل تضطر أحيانا لاستيرادها بعد أن وجدت فيها كنزاً ثميناً ومصدراً رخيصا للطاقة
وتعد السويد واحدة من تلك الدول التي تواجه مشكلة غير معتادة فهي لا تمتلك ما يكفي من النفايات، وأصبحت أكبر مستورد للنفايات في أوروبا. “
وليست السويد الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تستورد القمامة فألمانيا وبلجيكا وهولندا تفعل الشيء نفسه، والعديد من دول الاتحاد الأوروبي بحاجة لإيجاد سبل جديدة للتخلص من مكبات النفايات
واستوردت السويد العام الماضي نحو 850 ألف طن من النفايات القابلة للحرق، وأحرقت في المجمل 5.5 ملايين طن، ولا تلقي السويد تقريبا بأي نفايات قابلة للحرق في المكبات حيث تحول نصفها إلى وقود يستخدم في التدفئة وتوليد الطاقة.

وتُقسم النفايات على خمس فئات.. أولاً: النفايات القابلة للتحلّل والتي يُمكن تحويلها إلى سماد كبقايا الطعام، والفضلات الزراعية وغيرها.
ثانياً: النفايات الخاملة والتي لا تتحلّل ولا تُحرق ولا تنتج أيّ تفاعلات فيزيائية أو كيماوية أو بيولوجية تضرّ بالبيئة.. ويُعتبر القطاع العقاري والأشغال العامة المصدر الرئيسي لهذه النفايات
ثالثاً: النفايات القابلة للتدوير من الناحية الفنّية ما يفرض عملية فرز لها على المصدر، وهذه النفايات يُمكن جمعها في مجموعات عدة كالنفايات المنزلية وتلك الآتية من التجار والشركات ومن القطاع الصناعي (الزجاج، المعادن، الورق والبلاستيك، المواد العضوية)، والنفايات غير الخطرة الآتية من القطاع التجاري ومن الشركات (التغليف، نفايات المكاتب، الورق، مخلفات التصنيع).
رابعاً: النفايات النهائية وهي عبارة عن نفايات غير قابلة للمعالجة في الشروط الفنّية والاقتصادية التابعة لعملية تقييم النفايات أو الحدّ من طبيعتها الملوِّثة أو الخطرة.
خامساً: النفايات الخطرة وهي عبارة عن نفايات تحتوي على إحدى الخصائص التالية على الأقل: المتفجرة، المؤكسدة، قابلة للاشتعال، سامة، مسرطنة، معدية.. وهذه النفايات تنقسم إلى أنواع عدة منها الأدوات الإلكترونية، الصناعية الخاصة، المنزلية (بطاريات، الأدوية، الزيوت المُستعملة).
طاقة النفايات
نتيجة للاستخدام المتزايد للنفايات المنزلية في إنتاج الطاقة في السويد، لم تعد النفايات المحلية كافية، ولذلك اضطرت الحكومة لاستيراد النفايات من جيرانها كالنرويج، وبريطانيا، وإيطاليا
والسويد تستخدم الغاز الحيوي الذي تستخلصه من النفايات المنزلية بأساليب متطورة، في التدفئة وإنتاج الطاقة، وتعتبرمدينة لينكوبينغ في طليعة المدن السويدية المستخدمة لهذه الطريقة على نطاق واسع
وتستهدف السويد بذلك إنهاء استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز الطبيعي) تمامًا في إطار برنامج “بلد بلا بترول”، مشيرًا إلى أن بلاده أنتجت 65% من الطاقة العام الماضي من مصادر متجددة كالرياح، والمياه، والوقود الحيوي.
وتعتبر السويد خامس أكبر دولة أوروبية وعدد سكانها 9,4 ملايين نسمة، وفي السنوات الأخيرة زاد عدد السكان بسبب ارتفاع معدلات الهجرة وهو ما جعل الحكومة تخطط لاستغلال الطاقة المتجددة وتركز على دعم مصادرها لخدمة السكان وحمايتهم من كل ما يضر الصحة والبيئة

في هذا الصدد، أعلنت السويد أخيراً عزمها على الانتقال كلياً من استخدام النفط إلى الطاقة البديلة، لتصبح الدولة الأولى في العالم التي تحقق هذا الهدف، ومن المتوقع أن تنتهي من هذا المشروع في عام 2050 .
وتصنف دولة الإمارات كإحدى أعلى دول العالم في إنتاج النفايات للفرد الواحد. ويُعد سكان الإمارات من بين أكثر منتجي النفايات في العالم، مقارنةً بمعدل إنتاج الولايات المتحدة الأميركية وكندا وبيكين والذي يبلغ على التوالي 2.1 كيلوغرام و2.0 كيلوغرام، و0.85 كيلوغرام للفرد في اليوم.
وتؤكد تقارير بأن الدولة تستثمر 6.6 مليارات درهم في إعادة تدوير النفايات وتتمثل في عدد من مشاريع إدارة ومعالجة المخلفات بأنواعها وتقليص الكميات الناتجة عنها والتي تقدر بــ18 ألف طن يومياً. وتساهم عملية إعادة التدوير في المحافظة على البيئة، والتقليل من التلوث من خلال المحافظة على الموارد والطاقة، وتقليل الاستهلاك عبر إطالة عمر المنتوج، وتقليل الاستهلاك من خلال إعادة التصنيع ورفع كفاءة العمليات الإنتاجية، وتوفير الطاقة بتقليل استهلاكها خلال العمليات الإنتاجية، وحماية الأراضي المستخدمة كمكبات لرمي القمامة، وذلك بخفض كميتها وحماية البيئة من المواد الضارة والسامة الناتجة عن الصناعات الاستخراجية والتحويلية.
رئيس الجامعة المستنصرية وعدد من الجامعات سابقا*
خبير بيئي وعضو الاتحاد الدولي للجامعات
عضو لجنة تصنيف وتقييم الجامعات العربية
*
Sorry Comments are closed