قريش – لندن:
في خضم سخونة الجدل السياسي حول توسيع مفهوم “الفيدرالية” بالعراق بين مؤيدين ومعارضين والمضي الى ابعد من ذلك حتى التقسيم والتمرس وراء عناوين المكونات كرد فعل عن تردي العملية السياسية بالعراق
انخرطت نخب عراقية وعربية في لندن بالنقاش الفاعل عبر ندوة اقامتها منظمة المغتربين العراقيين الدولية في العاصمة البريطانية، حملت طروحات فكرية وقانونية بعنوان “العراق وحديث الأقاليم” حاضر فيها الأكاديمي العراقي الأستاذ الدكتور سعد ناجي جواد الساعاتي..

وتناولت الندوة التي عقدت مساء الاحد وقدم لها دكتور فارس المهداوي، دعوات البعض لتشكيل أقاليم طائفية كمخرج لمواجهة تزايد المشاكل التي عانى منها ملايين العراقيين منذ احتلال العراق عام ٢٠٠٣، وعجز الحكومات المتعاقبة عن القيام بواجباتها في توفير الخدمات والأمن لعموم العراق. ورغم الرفض الشعبي لموضوع الأقاليم فإن الصوت “الخجول” المطالب بـ “التقسيم” أو “الفدرلة” بدأ برفع وتيرة الحديث عن هذا الأمر، مستندا إلى المادة (119) من الدستور العراقي المثير للجدل الذي صيغ في غضون ثلاثة أشهر بأمر من الحاكم المدني الأميركي بول بريمر في عام 2004.
وأشار الدكتور الساعاتي إلى أن أصحاب هذه الدعوات يعتقدون أن الأقاليم “الفدرلة” هي السلاح الوحيد لكف أيدي أجهزة الحكومة الطائفية والمليشيات الإيرانية وبالتالي حفظ أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، وكذلك تطوير محافظاتهم من خلال الحصص المالية التي سيحصلون عليها من الخزينة المركزية والواردات الأخرى، كما هو شأن إقليم كردستان العراق. وأضاف مذكراً الحضور بإن ما يطرح الآن عن موضوع الأقاليم ما هو إلا تجسيد لمشروع الرئيس الأمريكي السابق بايدن الذي قدمه للكونجرس عام 2006 عندما كان عضواً فيه، كخيار أميركي يضمن السيطرة على العراق بشكل أدق وآمن من خلال كسب ولاءات قيادات أقاليمه (الكردية والشيعية والسنيّة).
وشارك بعض الحضور في التعقيب على موضوع (مقترح أو خطة بايدن) ؛ حيث أكد أمين عام منظمة المغتربين الدولية الدكتور فارس المهداوي أن قيادات كثيرة سياسية وعشائرية عراقية جهودا كبيرة لإقناع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بأن مفتاح المشاكل التي تعصف الآن بالعراق لا يمكن حلها وتجاوزها من دون عزل طائفي يكون فيه لكل من السنّة والشيعة والأكراد وضع سياسي وجغرافي ومعنوي في ثلاثة أقاليم مستقلة، تجعل هذه الطوائف أكثر انسجاما مع عراق فدرالي، يوسّع دائرة الخيارات لكل طائفة ، إلا أن قوى وطنية عراقية أخرى رفضت أي حديث عن تقسيم العراق، وكانت هذه القوى وما زالت ترى أن ما يجري في العراق هو صراع سياسي وتنفيذ لأجندات خارجية وأن تقسيم العراق هو بدواعي تدميره كونه وصاحب مشروع قومي كبير ولإنه يمثل بوابة الوطن العربي الشرقية تجاه المشروع الإيراني، ولأنه أيضا كان عدوا حقيقيا فاعلا لإسرائيل .
وتضمنت المداخلات توضيح قانوني من الحقوقيين السيد محمد الغرابي، والدكتور محمد الشيخلي مدير المركز الدولي للعدالة اللذان أكدا، ومن خلال تجربتهما الشخصية المباشرة مع لجنة الترويج للدستور عام ٢٠٠٤، أن الدستور جاء مكتوباً وطُلب من هذه اللجنة المصادقة عليه، وكانت مواده مصممة لتقسيم العراق وتؤسس لنظام حكم عمودي وأفقي مبني على المحاصصة الطائفية والقومية، يضاف إلى ذلك تعرض عملية الاستفتاء الشعبي عليه إلى عمليات تزوير وتغيير في نسب المشاركة ونتائج الاستفتاء الفعلية.

وعقبت السيدة سندس الحسني، رئيسة منظمة حقوقية نسوية في المملكة المتحدة، حول دعوة البعض لإنشاء إقليم عربي (سنيّ أو شيعي) بالقول ، أن هذه الدعوات باطلة ويروج لها أرباب الفساد في العملية السياسية ذاتها ، وأضافت ، إن المرأة العراقية التي تشكل رمز الوحدة العراقية بكل أطياف مجتمعه ترى إن هذه التسميات إنما هي دعوات لتقسيم (جغرافي) و قومي (عربي ، كردي، تركماني) ثم طائفي (سنيّ ، شيعي) ، وطالبت النخب العراقية دائماً بالوقوف ضد هذه الدعوات.
واختتمت الندوة بإجابة المحاضر الدكتور الساعاتي على أسئلة الحضور وملاحظاتهم
Sorry Comments are closed