
في اليوم العالمي للقصة القصيرة
شبكة القراءة تنظم دائرة مستديرة حول التجربة القصصية للكاتب المغربي سعيد منتسب
سعيد منتسب: القصة تقاوم جميع الأجناس الأدبية وتحولها داعمة لهويتها المتغيرة
ليلى بارع/ الدار البيضاء
إعتبر القاص المغربي سعيد منتسب، في دائرة مستديرة حول تجربته القصصية بالدار البيضاء، بأن “القصة تقاوم جميع الأجناس الأدبية والتعبيرية الأخرى، ويتم فعل المقاومة بتحويل تلك الأجناس إلى إمكانات داعمة للقصة ولهويتها المتحركة والمتغيرة في كل مرحلة من المراحل، وفي كل كتاب من الكتب…” مضيفا بأن القصة لا تحتكر شكلا معينا، فما يجعل القصة قصة ليس شكلها بالضرورة ولا رغبتها في الانتماء لهذا الشكل القصدية والتجنيس، بل ما يجعلها كذلك هو البلاغة السردية والعناد التجريبي.

وكان لعشاق الثقافة بمدينة الدار البيضاء المغربية، موعد مع مائدة مستديرة حول التجربة القصصية للكاتب سعيد منتسب على هامش احتفاء شبكة القراءة بالمغرب، يومه السبت 15 فبراير 2025، باليوم العالمي للقصة القصيرة، وتقديم تجربة الكاتب كنموذج للاحتفاء بهذا اليوم.
هذا الاختيار الذي عبرت عنه عضوة المكتب التنفيدي لشبكة القراءة ومنسقة اللقاء، بشرى البكاري، في ورقتها التقديمة للقاء، نابع من التجربة القصصية المتنوعة للكاتب المحتفى به ولمساهماته سواء كقاص أو إعلامي في إغناء لتجربة القصصية المغربية التسعينية والتعريف بها.
معلوم أن الكاتب سعيد منتسب، بالإضافة لإصداراته الروائية والشعرية، أصدر عددا من الأعمال القصصية، نذكر منها، “قبو إذغار ألان بو”، “جزيرة زرقاء”، “قبلة التنين”، “تشبه رسوم الأطفال”، وينتمي الكاتب المحتفى بتجربته القصصية لجيل التسعينات القصصي بالمغرب.

اللقاء الذي احتضنته القاعة الوسائطية لمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء شارك فيه عدد من النقاد تناولت أوراقهم زوايا مختلفة من التجربة القصصية المتعددة للكاتب سعيد منتسب.
الناقدة والمترجمة فاطمة لحسيني، المتدخلة الأولى في هذا اللقاء، لقبت الكاتب “بتنين” القصة القصيرة المغربية، في إشادة واضحة بمجموعته القصصية “قبلة التنين” اعتبرت أن لغة الكاتب القصصية هي لغة متوجهة ونارية، تصنع الحدث وتعيد بناءه، لأن الكاتب حسب ورقتها: ” لا يكتب بمداد عادي بل بنار تستمد طاقتها من فلسفة الحكي ومن فهم عميق لوظيفة اللغة”.
من جهته، اعتبر الناقد محمد علوط، أنه يصعب تقديم نص نقدي في غياب القارئ المطلع على النصوص التي يمسها الناقد بالدراسة، وكانت مداخلته منصبة على “قبو الحكاية عند الكاتب سعيد منتسب، في إشارة إلى المجموعة القصصية للكاتب : “قبوإدغار آلان بو”، من خلال تقديم ورقة نقدية حول 23 نصا سرديا قصصيا تدخلنا إلى 23 قبوا قصصيا، في لعبة مرايا ومتاهة قصصية يصفها الناقد محمد علوط بالقول ” هو اختيار جمالي لأحد أشكال الحبكة السردية الموسومة بالحبكة المروحية أو السرد المروحي….القصة واحدة فيه، وتعود باستمرار، تضيف للمعنى الواحد طبقات متعددة إلى السرد:”
وذهب الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس في مداخلته إلى التأكيد على أن “كتابات سعيد منتسب تنحاز إلى الشخصيات التي تعيش على الحواف، حيث تنبعث قصصه من زوايا معتمة، مأهولة بأصوات تتكلم بلسان الكسر والتشظي، يقاوم السرد النمطية، ويتحول الصوت الداخلي للشخصيات إلى صدى يفتح للقارئ أفقا لتأمل هشاشة الوجود الإنساني، إن العزلة، في قصص منتسب، ليست مجرد ظرف، بل حالة وجودة تكتب بحدث شعري عال…”.
من جهتها اعتبرت الناقدة الدكتورة سلمى براهمة و التي تناولت معضلة تجنيس الأعمال الأدبية ، أننا في كتاب المحتفى به المعنون ب (ضد الجميع)، “نحن أمام محاولة بناء تصور خاص للكتابة، وإن حظيت الكتابة الشعرية باهتمام خاص، فإن الحديث غالبا ما يخص الكتابة بمفهومها الواسع الأدبية والفكرية وحتى النقدية، وأننا أمام طرح مميز وإثارة لافتة لعدد من قضايا الكتابة والكاتب ذات الأهمية البارزة والتي يتقطاع فيها الأدبي بالثقافي والاجتماعي بالسياسي…”. لتخلص إلى كون نصوص (كتاب ضد الجميع) تلفت النظر إلى هذه العلاقة المتوترة بين الإبداع والنقد، وهذا الإحساس بسوء الفهم الذي ينتاب التجارب المتميزة …كما تعبر عن حاجة الأديب إلى قارئ لا يقع بسهولة في كمائن الشائع، ويتصالح دون امكانية للشك أو التراجع مع الإجماع….”
من جهة أخرى قدمت الكاتبة ربيعة عبد الكامل شهادة إنسانية رصدت لسنوات من الصداقة الأدبية بينها وبين الكاتب، تحدتت فيه عن عدد من الخصال الإنسانية للقاص والإعلامي سعيد منتسب، وتأثير رحيل والدته “تودا” على مساره الإبداعي، وألقت بالضوء على الكثير من الزوايا المعتمة في مساره ككاتب ومبدع.
وفي شهادته اعتبر الروائي والناقد محمد بندحمان أن الكاتب سعيد منتسب : ” يؤمن بأن العالم عوالم، وأن الإبداع متعدد في أنواعه وأجناسه، وأن لكل منها وظيفة تنجزها في سياقاتها، لذلك كتب القصة القصيرة وحكى الرواية ونظم الشعر، ولم يمنعه تكوينه الأكاديمي الرصين من خلق الجسور الممتدة بين ما يبدع وما يينتقد عندما يكتب دراسة وصفية أو تأويلية، وحتى عندما يضطر إلى إنطاق التماسيح التي قطع البعض لسانها فإنه يجعلها تماسيح مصممة لقول شيء ما…”
من جهة أخرى، ركزت شهادة المترجم والدكتور سعيد عبد الواحد على تجربته في ترجمة عدد من قصص الكاتب سعيد منتسب إلى اللغة البرتغالية، خاصة نصوص المجموعة القصصية ” جزيرة زرقاء” ، وقدم للجمهور الذي تابع فعاليات هذا اللقاء نصا بعنوان “التيس” قرأه باللغة البرتغالية .
واختتمت هذه الدائرة المستديرة بشهادات متنوعة قدمها عدد من الكتاب والفاعلين في الحقل الثقافي المغربي حول التجربة الإبداعية للقاص سعيد منتسب وتقاطعاتهم الإنسانية والإبداعية في عدد من المحطات الإبداعية والإنسانية.
Sorry Comments are closed