الأدباء والمثقفون المغاربة والعرب
في مقاربة مغرب/ مشرق
إعداد قسم التحرير
ملحق ثقافات وآداب – صحيفة قريش – لندن – الرباط
يشارك معنا في سلسلة حلقات استطلاع ملحق ثقافات وآداب لصحيفة قريش في لندن.. عدد من الأدباء والمثقفين المغاربة والعرب في مقاربة مشارقية، من خلال أسئلة نطرحها للاقتراب من ذواتهم وانشغالاتهم في التعبير عن رؤيتهم حول ما ينتجونه وما يتصورونه كأفق للإبداع داخل هذه المتاهة من الحياة .. متاهة الذات، ومتاهة الإبداع في الأوقات المدهشة من حالات المزاج ، الذي قد لايطاوع شخص الفنان المبدع في مواجهة صعوبات العصر الحالكة والشائكة.
******
هي أسئلة نطرحها على الأصدقاء والزملاء من الأدباء والفنانين والإعلاميين .. للاقتراب من ذواتهم وانشغالاتهم في التعبير عن رؤيتهم حول ما ينتجونه وما يتصورونه كأفق للابداع داخل هذه المتاهة من الحياة .. متاهة الذات، ومتاهة الإبداع في الأوقات المدهشة من حالات المزاج ، الذي قد لايطاوع شخص الفنان المبدع في مواجهة صعوبات العصر الحالكة والشائكة.
16

الشاعرة المغربية فوزية عبدلاوي:المشارقة، وخاصة جيل الستينات، أيقونات شعرية وروائية لا يمكن تجاوزها،
الإبداع قوة اقتراحية لحياة أفضل
*ماذا يقرأ المغاربة للمشارقة من القدماء والمعاصرين ؟
**القراءة فعل غير انتقائي بالضرورة، لأنها شغف لا يخضع لحدود زمنية أو مكانية، وهي شغف بالمقروء، لا بجنسية الكاتب، أو انتماءاته العرقية أو العقدية، أو غيرها، إلا أن هذا لاينفي أن تكون قراءات المغربي الأولى، من المشرق، وذلك بحكم الرابط اللغوي والحضاري، وهي قراءات متنوعة، تجمع بين ما هو ديني، فلسفي، أدبي، وتاريخي…، لكن يبقى المشارقة، وخاصة جيل الستينات، أيقونات شعرية ( البياتي-بدر شاكر السياب- الماغوط- نزار قباني…)، وفلسفية(عبد الرحمان بدوي-الطيب تيزني…)، وروائية(نجيب محفوظ-عبد الرحمان منيف-حنا مينه…)، لا يمكن تجاوزها، في سيرورة التكوين الذاتي للقارئ الحصيف.
هل فعلاً تصدقين أنك تبدعين لتعيشي الحياة؟
**المبدع الحقيقي، يرى في فعل الإبداع، مشروعا للكينونة الحيوية، وحالة تحرر وانعتاق من ركود اليومي وروتينيته، إنه في إبداعه يخلق حيوات موازية، يعيشها بسعة خياله، وبرغبة حارقة، في استبدال الواقع بما هو أجمل، وما هو أجدر بالحياة، بمعنى أن المبدع ذات رافضة لما هو كائن، وما سيكون، ولا تقبل بحتمية القوانين الكونية، لأنها، ورغم حساسيتها المفرطة، قوية بصلابة رؤيتها للعالم، وللإنسان، لذا فالإبداع هو فعل كينونة وفعل موت، بالنسبة لها، يسيران في خطين ملتفين حول بعضهما.
الكتابة تستنفذني لدرجة الموت
الكتابة تحررني وترتقي بي لدرجة الحياة….
*الفنان … الرسام .. المغني والمثقف هل هو كائن انطوائي .. أحيانا يعجز عن حل مشكلات صغيرة تخصه فبالأحرى يحل مشكلات المجتمع …؟
**الفن في عمومه قوة اقتراحية لحياة أفضل، تجمع بين الحرية والجمال، ولا يمكن لهذه القوة إلا أن تستمد طاقتها، إلا من ذات مكتفية بذاتها، لذا لا يمكن أن نقول، إن المبدع انطوائي، بل هو كائن متفرد برؤيته للعالم والكائنات، وهذا التفرد، يجعله أحيانا عاجزا عن التواصل، مع من لا يقاسمه حساسيته، لذلك يفضل وحدة منتجة، على اختلاط مجاني، أو مصاص لطاقته وإبداعيته، لذا فالوحدة، بالنسبة له، اختيار وليست إجبارا، وهي ليست مشكلة كما ورد في السؤال، لأن المبدع الحقيقي، يعيش بنفس الجمالية التي يبدع بها، والإبداع ، في نهاية المطاف، أسلوب حياة، قبل أن يكون أسلوب خلق وإبداعية.
*هل تعيش او عشت حالة من الانطوائية والعزلة .. لماذا؟
**كل كائن محكوم بكيمياء جسده، وبسيكولوجيته الناتجة عنها، لذلك تتنوع سلوكات الأفراد واختياراتهم، بالنسبة لي، العزلة وجه إيجابي للفردانية، تتيح لي الحوار مع ذاتي، ومتعة الانفراد بها، لكنها ليست عزلة متطرفة أو مرضية، لأني حريصة على التواصل مع الذين أحبهم وأحترمهم، وأستلهم من الحوار معهم الكثير من الأفكار والمشاعر الغنية، لكن، قد يحدث أحيانا، أن أدخل في حالة صمت، حين أجد أن اللغة قد باتت عاجزة عن التبليغ، فيكون حينها الصمت حكمة.
*الكتابة.. الرسم .. الفن .. الإبداع .. هل كل هذا يمثل طبيعة ذاتك ..وتجربتك في الحياة أم إن ذلك مجرد خيال ؟
الكتابة، بالنسبة لي، ليست سيرة ذاتية، وهي لا تعكس بالضرورة معيشي اليومي، لأني أكتب ب*أنا* جمعية، وليست فردية، لذا تتعدد فيها زوايا الرؤية، وكذا الأحاسيس المعبر عنها، بل كثيرا ما أسقط تاء تأنيثي، من المكتوب، حرصا على صوت الإنسان في، وبعيدا عن تصنيفات الجندر، احتراما للقارئ، وايمانا مني بأن لا وجود لأدب نسائي وآخر ذكوري، الأدب أدب، وهو نتاج ومقروء انساني.
والكتابة في نظري تخييل، وخلق لعوالم جديدة غير مكتشفة، والقارئ وحده فيها كريسطوف كولومب..
*وأنت تبدعين ما درجة الصدق الذي ينبع من قلبك وإحساسك ؟
**نختبر صدق الأحاسيس في الأحلام، فما بالك في المتخيل؟ التخييل لا يعني الكذب بالضرورة، إنه دفع بزخم المشاعر إلى ذروتها، ووضعها في اختبارات تحدي، لذا لا يمكن أن أكتب كذبا، ولا أن أكذب كتابة.
*أنت والذكاء الاصطناعي ما محلكما في الوجود .. هل أنت معه أم ضده ؟
**أكيد أن الذكاء الاصطناعي، منجز إنساني مبهر، سيمكن الإنسان المعاصر من استكشاف قدرات لا نهائية، لكنه بالنسبة للمبدع، مجال للاطلاع على المعلومة، أو مرجع ينضاف للمراجع الورقية، لكنه أكيد لن يكون دعامة إبداع بالنسبة له، لأن التخييل فعل إنساني بالمطلق، ولا يمكن للتكنولوجيا أن تعوضه، لأنها نبع للمعلومات أكيد، لكنها لا يمكن أن تنتج المشاعر، التي هي أساس كل إبداع حقيقي.