ضريح جديد للتعبّد المذهبي واللطم السياسي

23 فبراير 2025
ضريح جديد للتعبّد المذهبي واللطم السياسي

 مع دفن حسن نصرالله بشكل رسمي في ضريح بارز، جرى في الساعة ذاتها دفن مشروع حزب الله اللبناني الذي استمر قرابة خمسة عقود مشتغلا بأجندة النفوذ الايراني في الشرق الأوسط، وانبثق عن ذلك الدفن، ضريح جديد للزيارة التعبوية و لتعبّد الشيعة واستيعاب حركتهم الجَمعية اليومية والكتلوية المناسباتية في محيط من بحر الأغلبية السنية، ذلك هو ضريح امين عام حزبهم الذي غادر المشهد ليس بالغياب الجسدي وانّما من خلال تبدد المشروع الذي تحاول ايران ضخ روح عنفوان التأثير الروحي عبر خاصية ولاية الفقيه في جموع الشيعة من خلال  رمزية ضريح جديد، فيه خاصية جديدة، اذ يمكن سماع خطب ” الضريح” الحماسية المرتبطة بصاحب الضريح، والتذكير بمواقفه في محور المقاومة الإيراني الذي لايزال له عنوان بريدي في طهران وقم ليس أكثر.

خطوات الانهيار والتبدد، ثمّ التحول الى الشعاراتية العاطفية الشيعية كمشروع ادامة اجتماعي وربما سياسي، تسارعت بلمح البصر في شهور قليلة، لاسيما بعد

خروج سوريا من سياق التعبئة الإيرانية في الثامن من ديسمبر 2023، وقيام نظام سياسي جديد في دمشق، يضع نصب أعينه العداء الأول والأخير للمشروع الإيراني الذي استهدف الثورة السورية أربع عشرة سنة وانتهى بخسارة كل مواقعه في بلاد الشام.

لم يعد لإيران يد ضاربة بالسلاح، واذا ارادت طهران ان تدخل مجدداً اية حرب في المنطقة فستكون الكلفة منصبة عليها وحدها بعكس ما كان عليه حالها في العقود السابقة ،حين كان الشيعة التابعون لها في العراق وسوريا ولبنان يموتون دفاعا عن الولي الفقيه ليبقى آمناً في مقره بإيران.

في مراسم تشييع حسن نصرالله ورفيق تنظيمه وقريبه هاشم صفي الدين، في ملعب كميل شمعون الرياضي، إشارة رمزية قوية الى فقر مسيرة حزب الله من البناء النفعي العام للناس بعيدا عن مصالح تعبوية وأمنية ومالية للحزب. وفي هذا التشييع الذي ظللته الطائرات الاسرائيلية الاستطلاعية، لم ترد لفظة “إسرائيل” على لسان ممثل المرشد الايراني علي خامنئي الذي القى كلمة مختزلة، وردت فيها مرة واحدة كلمة “العدو” المبهمة في قصدية واضحة لبلع صفحة التصعيد للأبد. حتى انّ ملقي الكلمة هو مجتبى حسيني ممثل خامنئي في العراق.

لبنان دخل عهدا جديدا اليوم ومعه المنطقة بدفن حسن نصرالله، وبقي الحزب أمام فرصة ذهبية للبحث عن هوية لبنانية تعيده للالتحاق بمشروع وطني داخلي، له سقوف محددة بإمكانات اللبنانيين وحدهم. لكن الحزب في ظل بقاء نظام ولاية الفقيه الإيراني على حاله، لن تكون له اية فرصة لإحياء نفسه سياسيا وطي صفحة العداء مع السوريين أو حتى العراقيين  من خارج منظومة المليشيات الشيعية الحاكمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com