المغرب من النشرة البرتقالية الى الحمراء

16 مارس 2025
المغرب من النشرة البرتقالية الى الحمراء

           ————————-

     أحمد ويحمان

      ما يجري في المغرب اليوم، وفي قلب العاصمة الرباط، لا يمكن إلا أن يوصف بأنه تحوّل خطير ينذر بدخول البلاد إلى مرحلة اضطراب سياسي واجتماعي غير مسبوقة. وإذا استعرنا لغة الأرصاد الجوية، فإننا ننتقل بسرعة من “النشرة الإنذارية البرتقالية” إلى “الحمراء”، حيث لم تعد التحذيرات كافية لفهم حجم الكارثة القادمة.

 *تهجير قسري في قلب العاصمة: لمن تُسلّم أراضي المغاربة؟* 

       إنّ ما كشفت عنه الصرخة الجريئة للمستشار الجماعي اليساري، الأستاذ فاروق المهداوي، في حواره مع الصحافي حميد المهداوي، يمثل جرس إنذار مدوٍّ لما يحدث في الرباط: تهجير قسري لآلاف المواطنين من بيوتهم تحت التهديد، وهدم منازلهم ومصادرة أرزاقهم.

      والأخطر في الأمر أن المستشار المنتخب يكشف أمام الرأي العام أن هذه العمليات تتم لفائدة جهات أجنبية مجهولة، دون الكشف عن هويتها أو عن طبيعة “المصلحة العامة” التي تقتضي تشريد الأسر الآمنة.

والأخطر كذلك، كما يقول الأستاذ فاروق المهداوي، أن الأثمنة الهزيلة التي تعرضها، بل تفرضها السلطات لتعويض السكان تم تحديدها لصالح تلك الجهات الغامضة، لا لصالح المواطنين. أثمنة تتراوح بين 10 و13 ألف درهم للمتر المربع في حين أن القيمة الحقيقية تفوق 25 إلى 30 ألف درهم، ومع ذلك يُجبر السكان على القبول بها قسرًا وبدون تفاوض.

 *مآسي اجتماعية تتجاهلها الدولة: من البيوت المهدمة إلى الضياع* 

     إنها مأساة حقيقية تطال حياة الناس، حيث يُجبر المواطنون على مغادرة بيوتهم نحو المجهول.. الدموع، الفواجع، الموت بسبب الصدمة، انقطاع التلاميذ عن دراستهم، انهيار العلاقات الاجتماعية… الخ ..كل هذا يحدث تحت أنقاض ما يسمى “مشاريع إعادة الهيكلة”، وهي في الحقيقة مشاريع تدمير حياة البشر لصالح لوبيات غامضة.

 *من “بوروك تافيلالت” إلى “بوروك الرباط”: المصير نفسه* 

       وما يجري في الرباط اليوم يعيد إلى الأذهان ما تعرضت له قبائل الرعاة الرحل “إرحالن” في مناطق الرشيدية والأقاليم المجاورة، حيث تم انتزاع أراضيهم الشاسعة التي يعيشون عليها وينتجعون فيها منذ قرون، وتسليمها ليهود صهاينة أقاموا عليها مشاريع لزراعة “المجهول” وتسويقه كتمور إسرائيلية!

     هكذا تم تجريد هؤلاء المغاربة الأصليين من أراضيهم، في تواطؤ مفضوح بين السلطات والجهات الصهيونية. وهكذا يتم نسخ الثقافة الأصلية حتى على مستوى الطوبونيميا بتغيير إسم الأراضي من الأمازيغية؛ لغة  الرعاة ورحل قبائل آيت حديدو وآيت مرغاد وآيت إزدݣ وآيت يحيى وآيت سغروشن وآيت عطا …، إلى اللسان اليهودي .. من ” تين إرحالن” إلى ” بوروك ” !!!

 *من أصيلا إلى الجنوب: صفقات مشبوهة وتفويتات سرية* 

      ولا تقتصر هذه الجرائم على الرباط أو الجنوب الشرقي أو الأقاليم الصحراوية التي شهدت عدة مسيرات ضد مصادرة الأراضي لفائدة “جهات مجهولة ” !!، بل تصل إلى أصيلا، حيث يشكو السكان من انتزاع أراضي الجموع والأحباس لصالح “يهود” متنفذين. وكل ذلك يتم بغطاء مشبوه؛ إداري و”قضائي” ، باستعمال النفوذ والرشاوى والصفقات المغلقة.

 *قانون أعور: المحاسبة على المقاس* 

       في الوقت الذي تُرتكب فيه هذه الجرائم العلنية ضد المواطنين، ويفلت المتورطون فيها من العقاب، نجد أن القانون لا يتحرك إلا ضد الغاضبين والفقراء.

        المدعو زينو، وهو شخص شاذ جنسيا، شتم المغاربة والملك بأبشع النعوت، ومع ذالك استُقبل في فندق فاخر، ونُظمت له ندوة صحفية، بل وأُهديت له سلسلة ذهبية !

     المدعو محمد حساين، وهو ” إطار ” تتم استضافته في برامج للنشء في التلفزيون الرسمي، يطعن في نسب الملك ويدّعي أن الأسرة الملكية من أصول يهودية، ولا علاقة له بآل البيت  !! ويقول أن لديه وثائق تثبت ذلك، دون أن يسائله أحد عن أقواله وعن الوثائق التي يدعي أنه يتوفر عليها بهذا الخصوص !

     يوسف أزهاري يصف الرسول (ص) في متحف أصدقاء صهيون بأنه “صهيوني”، جهارًا نهارًا، وبالصوت والصورة ولا أحد يحرك ساكنًا.

       جاكي كادوش يزعم أن الزيارة إلى كيان الاحتلال والإبادة الجماعية، التي جمعته مع يوسف أزهاري كانت بعلم ومباركة الملك ! ولا من يحرك ساكنا !

       المدعو، فيصل مرجاني، زميل كادوش وأزهاري في رحلة الخزي، في عز مذابح الأطفال في غزة، وبعد رقصه مع ضباط جيش الحرب الصهيوني يعلن تأسيس ما يسميه ” معهد إمارة المؤمنين للسلام ” بالقدس ويصرح بأن ” فلسطين أرض يهودية ” وأن من حق إسرائيل محاربة الإرهاب الفلسطيني ! ولا من يسكن متحركا !

      في المقابل، يُحكم على الشاب القسطيط، أحد أبرز مناهضي التطبيع، بسنتين سجنًا نافذًا فقط لأنه عبر عن رأيه وفضح التطبيع !.

 *اضطراب سياسي واجتماعي ينذر بالانفجار* 

         إن ما نعيشه اليوم، من تهجير قسري، وتواطؤ مع جهات صهيونية، واستغلال القضاء لخدمة لوبيات المال والسلطة، مقابل قمع المناضلين الوطنيين، ليس إلا مؤشرات على دخول المغرب مرحلة الاضطراب الخطير.

     وإذا كانت “النشرة البرتقالية” تحذر من الخطر، فإن ما نراه اليوم هو نشرة حمراء بكل المقاييس:

+ انهيار الثقة في الدولة.

+ تفكك المجتمع.

+ تحكم لوبيات خارجية.

+ سياسات تجويع وتهجير.

+ انقلاب على الحقوق الأساسية للمواطنين.

 *آخر الكلام* 

       إن البلاد على مفترق طرق خطير .

     إن المغرب اليوم يقف أمام لحظة حاسمة:

+ إما أن يتدارك هذا الانحراف الخطير عبر استعادة هيبة القانون وإنصاف المواطنين ووقف التطبيع مع لوبيات الخارج .

وما أنه يسير نحو انفجار اجتماعي محتوم، لن تنفع معه لا الأجهزة القمعية ولا سياسة التعتيم الإعلامي.

      فحين تفقد الدولة وظيفتها الأساسية في حماية المواطنين وتتحول إلى أداة بيد جهات مجهولة، فإن أسس الاستقرار تهتز.

لقد آن الأوان لتحرك الجميع لوقف هذا المسار المدمر قبل فوات هذا الأوان.. وقد بدأ يفوت .

ولله الأمر من قبل ومن بعد .

———————–

Comments

Sorry Comments are closed

    Breaking News
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com