د نزار محمود
الحقيقة تلك المسألة النسبية متعددة وجهات زوايا النظر في كثير من الأحيان، واجهت، وستبقى تواجه، اشكالية الاختلاف والخلاف في فحواها وصورها لأسباب متعددة. وتكمن المشكلة الكبرى عندما لا تكون الحقائق التاريخية مدعمة بأدلة وحجج مادية ملموسة، وعندما تكون في تفسيرها حمالة وجوه.
منذ بعض الوقت يذكرنا ما يدور من اختلاف في وجهات النظر حول مسلسل : معاوية، ليس حول ما يخص جواز أو عدم جواز تجسيد شخصيات الصحابة ومنهم الخلفاء الراشدين والمبشرين بالجنة، وإنما حول محتوى الرواية وما يعبر عنه من أحداث ومواقف وشخصيات وما يدور حولها من جدل.
أقول يذكرنا هذا المسلسل بعديد الأعمال التاريخية المكتوبة أو المسموعة أو المرئية التي اختلفت وتخالفت وجهات النظر حولها، والتي قادت الى تبن هنا ورفض هناك.
هناك كثير من الشخصيات التاريخية التي لا تحظى جميع أوجه مكعبات صورها بالقبول التام، وعندها نجد أنفسنا بين وقوف معها أو رفض لها، حسب ما نتبناه من تلك الوجوه.
ومما يزيد في الطين بلة أن نخضع نحن المتلقين من الأجيال اللاحقة الى تربية وتلقين وتثقيف في اتجاهات معينة ومنذ فترات طفولتنا، بحيث يبنى وعينا الباطن على محبة أو كره هذه الشخصية أو تلك، والتي تزيد الأيام من تصلبها والقناعة بها.
ان هذه المواقف قد حفرت خنادق تحولت الى مدارس مذهبية وتكتلات سياسية متناحرة، للأسف، لا سيما في عصر أصبح زرع الشقاق بين صفوفنا لا نقوى على منعه أو حسن التعامل معه.
انني في هذا المقال لست بالقادر أو الراغب بتحليل تلك الأعمال التاريخية والوقوف على حقائق ما جاء فيها، لكني أرجو من كل واحد فينا، كل حسب “خندقه” أن يقشع عنه غشاوة ما تربى عليه من معتقدات وآراء شكلت موقفه، وأن يتذكر ويؤمن بأن كل شقاق لا يقود إلا إلى أذيتنا جميعاً.
برلين، 06.03.2025