تربية.. وعنف مجتمعي

17 أبريل 2025
تربية.. وعنف مجتمعي

التربية ودورها في الحد من العنف المجتمعي

أ.د. أحمد محمد القزعل

يعتبر العنف المجتمعي من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث يؤثر سلباً على العلاقات بين الأفراد ويهدد الاستقرار الاجتماعي، فالعنف المجتمعي هو مجموعة من السلوكيات التي تُمارَس في سياق اجتماعي، وتتسبب في إلحاق الأذى الجسدي والنفسي أو الاقتصادي بالآخرين، وتلعب التربية دوراً رئيسياً في تشكيل شخصية الأفراد وغرس القيم الإنسانية الإيجابية، مما يجعلها وسيلة فعالة في الحد من العنف المجتمعي، وتتجلى ظواهر العنف المجتمعي في سلوكيات مختلفة تشمل العنف الأسري والتنمر المدرسي والعنف الطائفي والسياسي، وهذه السلوكيات تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية وتدمير العلاقات بين أفراد المجتمع.

ومن أهم أسباب العنف المجتمعي: الأسباب النفسية حيث يتعرض الأفراد للعنف في مراحل الطفولة مما يؤدي إلى الإصابة  بالاضطرابات النفسية، وكذلك الأسباب الاجتماعية كالفقر والبطالة والتمييز الاجتماعي تسهم في تفاقم العنف المجتمعي، كما أن الثقافة المجتمعية تلعب دوراً كبيراً في  انتشار ثقافة العنف في المجتمع وعدم تعزيز قيم التسامح والاحترام.

ومن أهم أنواع العنف: 1- العنف الأسري: الذي يشمل كافة أشكال الاعتداءات التي تحدث داخل إطار الأسرة، سواء أكانت جسدية أو نفسية أو اقتصادية، ويؤثر هذا النوع من العنف بشكل كبير على صحة وسلامة الأفراد وخاصة الأطفال.

2-  العنف المدرسي: هو أي سلوك يتضمن إيذاء الطلاب أو التلاميذ جسدياً أو نفسياً في المدرسة، ويشمل التنمر والإهمال والتمييز.

3- العنف الاقتصادي: يُقصد به الأفعال التي تؤدي إلى إلحاق الضرر الاقتصادي بفئة معينة من المجتمع، سواء من خلال البطالة أو التمييز في فرص العمل.

4- العنف العاطفي: يتعلق العنف العاطفي بالإيذاء النفسي والعاطفي من خلال التحكم بالمشاعر والتلاعب بها، مما يخلق حالة من التوتر والاضطراب النفسي لدى الضحية.

ومن عوامل نجاح مساهمة التربية في الحد من العنف المجتمعي: التربية المبنية على القيم الإنسانية وتعزيز قيم التسامح والاحترام وحل النزاعات بطرق سلمية، وتعليم مهارات إدارة الغضب والتواصل و توجيه الأطفال إلى  كيفية التعبير عن مشاعرهم وإدارة الخلافات بدون لجوء إلى العنف، مع تطبيق مفهوم القدوة الحسنة حيث يشكل الآباء والمعلمون قدوة للأطفال وتنعكس سلوكياتهم في تعاملاتهم اليومية على تصرفات الأجيال القادمة، ونشير إلى أهمية تثقيف الأفراد حول آثار العنف وأهمية نبذه من خلال حملات إعلامية وتعليمية، وتطبيق القوانين بشكل حازم ضد مرتكبي العنف، وتحقيق التنمية الاقتصادية والحد من الفقر والبطالة لتحسين الظروف المعيشية.

ومن نافلة القول: فإن التربية تُعَدُّ من أقوى الأدوات للحد من العنف المجتمعي، ومن خلال تعزيز القيم الإيجابية وتقديم التعليم العاطفي والاجتماعي المناسب يمكننا بناء جيل واع قادر على التعامل مع النزاعات بطرق سلمية، وكل ذلك يتطلب تضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع ككل لخلق بيئة داعمة تُعزز مناحي السلوك الإيجابي وتحد من انتشار العنف بكل أشكاله.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Breaking News
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com