استطلاع : مقاربة مغرب / مشرق: حوار مع الشاعر عبد القادر العلمي

28 أبريل 2025
استطلاع : مقاربة مغرب / مشرق: حوار مع الشاعر عبد القادر العلمي

استطلاع ملحق ثقافات وآداب

إعداد قسم التحرير

ملحق ثقافات وآداب – صحيفة قريش – لندن – الرباط

يشارك معنا في سلسلة حلقات استطلاع “ملحق ثقافات وآداب “ لصحيفة قريش في لندن.. عدد من الأدباء والمثقفين المغاربة والعرب في مقاربة مشارقية، من خلال  أسئلة نطرحها للاقتراب من ذواتهم وانشغالاتهم في التعبير عن رؤيتهم حول ما ينتجونه وما يتصورونه كأفق للإبداع داخل هذه المتاهة من الحياة .. متاهة الذات، ومتاهة الإبداع في الأوقات المدهشة من حالات المزاج ، الذي قد لايطاوع شخص الفنان المبدع في مواجهة صعوبات العصر الحالكة والشائكة.

******

10

الشاعر المغربي عبد القادر العلمي: أتجه أكثر لاختيار ما خلفه القدماء المشارقة

 حاجتي من الكتابة .. الإيمان بقيم وقضايا

التغيير

*ماذا يقرأ المغاربة للمشارقة من القدماء والمعاصرين؟

**أظن أن المغاربة يختلفون في اختياراتهم لما يقرأون بوجه عام وينطبق ذلك على كتب المشارقة من قدماء ومعاصرين، فهناك من يقرأ كل يقع بين يديه وهناك من يختار ألوانا معينة من الكتب والإبداعات الأدبية، وهناك من لا تنحصر اهتماماته بالجانب الأدبي وينفتح على فضاءات أوسع في مجالات المعرفة والإبداع. وفيما يخص الاختيار بين القدماء والمعاصرين فإن من يبحث عن متانة اللغة العربية والقدرة على توظيف ثرائها في جمالية الكتابة فلا شك أنه يميل أكثر لقراءة ما خلفه القدماء من الكتاب والأدباء المشارقة، ويمكن أن أصنف نفسي من المغاربة الذين يتجهون أكثر لهذا الاختيار الذي لا يعني طبعا عدم الاطلاع على التجارب الحديثة في فنون الكتابة والإبداع.

هل فعلا تصدق أنك تبدع لتعيش الحياة؟

**بالنسبة لي كل ما كتبته على مدى عقود من الزمن، سواء منه ما يندرج ضمن مجال الأدب والشعر على وجه الخصوص أو غيره من المجالات، هو استجابة لحاجة ذاتية أحاول من خلالها التفاعل مع المحيط بأبعاده المختلفة ومستوياته المتباينة، وباعتبار أن حاجتي الذاتية من الكتابة نابعة من الإيمان بقيم وقضايا معينة، وتتوخى المساهمة في التغيير الإيجابي لما أراه أفضل، فإنها لم تكن في أي مرحلة من مراحل عمري وسيلة للكسب أو تهدف للمنفعة المادية، ولم أفكر أبدا أن أجعل من الكتابة حرفة وموردا لتغطية ما أحتاجه للعيش رغم أنه لا يراودني شك في أن العديد من الكتاب المحترفين الذين يعيشون من موارد كتاباتهم لهم باع طويل في مجال الإبداع، علما بأن السير في دروب البحث عن الرزق قد يكون مجالا واسعا للإلهام..

الفنان … الرسام .. المغني والمثقف هل هو كائن انطوائي .. أحيانا يعجز عن حل مشكلات صغيرة تخصه فبالأحرى يحل مشكلات المجتمع …؟

**طريقة التعامل والتفاعل مع المحيط الاجتماعي، انفتاحا أو انطواء، تختلف من شخص لآخر وفق نشأته الاجتماعية وبيئته الثقافية وحالته النفسية وطموحاته الشخصية، والغاية من الكتابة لدى أي مبدع قد يكون لها أثر بالغ في طبيعة شخصيته؛ فمن يبحث في إشكالات العلاقات داخل المجتمع ويحاول سبر أغوارها ولمس ما تنطوي عليه من اختلافات وما ينتج عنها أحيانا من صدامات ومنازعات.. فإن ذلك يتطلب الاحتكاك بالآخرين والاقتراب مما يتخلل حياتهم ويمور به واقعهم، فتدفعهم الغاية من الكتابة إلى الانفتاح على حياة الناس وانشغالاتهم وهمومهم، وبالتالي فإن الانطواء لا ينسجم مع ما يتوخونه وما يهدفون إليه من الكتابة والإبداع.

أما الذين يبدعون تجاوبا مع حالات نفسية أو حاجات ذاتية أو يرسمون بعملهم الإبداعي وضعا خاصا من حياتهم أو خيالهم فإنهم يكونون في الغالب أقرب إلى الانطواء والعزلة والابتعاد عن حياة الآخرين.

ويمكن أن أستخلص أن الانطواء ليس صفة ملازمة لأي مبدع وإنما هي حالة مرتبطة بطبيعة وحياة الشخص وما يسعى إليه وما يريد تحقيقه.

*هل تعيش أو عشت حالة من الانطوائية والعزلة .. لماذا؟

**منذ طفولتي انخرطت في الحركة الكشفية ومنها إلى العمل الجمعوي والنشاط السياسي وارتبطت منذ عقود إلى يومنا هذا بالنضال الحقوقي وفي كل هذه الواجهات التي طبعت مراحل مساري كنت موجودا ضمن جماعات وهيئات منظمة ويشترك في أعمالها وأنشطتها العديد من الأفراد الذين يُفترض أن يتوفر حد أدنى من شروط الانسجام فيما بينهم والتواصل المستمر معهم في إطار العمل الجماعي المشترك مما لا يترك مجالا للانزواء والانعزال.

لكن هناك لحظات وأوقات تجتاحني الرغبة في الانفراد مع الذات للحوار الداخلي حول ما أقوم به عموما أو بشأن بعض القضايا الخاصة، غير أن هذه الحالات تكون عابرة ومحدودة في الزمن ولا يمكن أن توصف بالانطواء.

*الكتابة.. الرسم .. الفن .. الإبداع .. هل كل هذا يمثل طبيعة ذاتك ..وتجربتك في الحياة  أم إن ذلك مجرد خيال ؟

**منذ أن كنت شابا يافعا بدأت محاولات الدخول إلى عالم الإبداع وتركزت خطواتي الأولى على الرسم والشعر وحصلت على جوائز وتشجيعات في هذين المجالين خلال فترة دراستي الثانوية، غير أنني خلال مرحلة الدراسة الجامعية بدأت أبتعد فكريا وعمليا عن الرسم والشعر لاعتبارين: أولهما نوع دراستي الجامعية حيث كنت طالبا بكلية الحقوق، وثانيهما انخراطي القوي في هذه المرحلة في نضالات الحركة الطلابية وفي النضال السياسي والحقوقي فيما بعد ذلك.

ولم تنقطع كل الخيوط التي تشدني لعالم الإبداع من خلال القراءات الخاصة والكتابة ولو على فترات متباعدة. وبعد انتهاء التزاماتي الحزبية والمهنية كان من الطبيعي أن أتفرغ لميولاتي الأصلية التي ظلت تسكنني كجزء من طبيعة ذاتي رغم مزاحمتها باهتمامات وانشغالات أخرى خلال فترة غير قصيرة من حياتي.

*وأنت تبدع ما درجة الصدق الذي ينبع من قلبك وإحساسك؟

**لا أتصور وجود إبداع أصيل غير نابع من أحاسيس ومشاعر المبدع ومن رغبته في التعبير عن شيء أو توجيه رسالة ما أو طرح قيم وقضايا يؤمن بها، أو تصوير ما يمور في الذات من حيرة وقلق.. والإبداع بهذا المفهوم لا يمكن إلا أن يكون صادقا..

أنت والذكاء الاصطناعي ما محلكما في الوجود .. هل أنت معه أم ضده؟

**لعله من أبرز معالم الزمن الحالي هو تطور الخيال العلمي إلى إنتاج آلات يمكنها أن “تفكر” وتتحدث أو ما يعرف بالذكاء الاصطناعي، وهذا في حد ذاته إبداع بشري يأتي تتويجا للتراكم الذي حققه الإنسان في مجال التطور الآلي.

ولا شك أن تطور الحياة الاقتصادية والتجارية عبر العالم، وتعقيد وكثافة المعاملات بين المؤسسات والشركات العابرة للقارات، أضحت تتطلب الاستعانة بآلة قادرة على التدبير الدقيق الذي يتفوق على التدبير البشري المعرض للخطأ.

وإذا كانت بلادنا غير منتجة في مجال الذكاء الاصطناعي فإنه من الضروري أن نتعلم من أجل التكيف مع التطور الذي تعرفه الحياة البشرية، ولا يمكن أن نكون ضد الانخراط في التطور الآلي ما دام أنه يخدم البشرية ولا يتعارض مع القيم الإنسانية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com