البعث.. حديث المصارحة في الانقسام وشرعية القيادة

6 أبريل 2025
البعث.. حديث المصارحة في الانقسام وشرعية القيادة

أ .د محمد طاقة

تمر علينا الذكرى الثامنة والسبعون لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ، وكعادتي كل عام ، احرص على الكتابة في هذه المناسبة ، لاستعرض العلاقة الجدلية بين اهداف الحزب الثلاثة (الوحدة ، والحرية ، والاشتراكية  ) ، ولاؤكد مجدداً ان فكر البعث فكر متجدد ، حي ، يتفاعل مع كل المتغيرات التي يشهدها العالم ، وانه حركة تاريخية عميقة تعمل لاجيال وقرون لا للحضة عابرة . 
طوال السنوات السابقة ، كنت اركز في كتاباتي على ان حزب البعث أعطى رجحاناً لهدف الوحدة ، لانه ادرك ان الوحدة هي المخرج الوحيد من أزمات الامة ، وبها فقط يمكن للعرب ان يواجهوا اعدائهم المتعددين ويحققوا تطلعاتهم في النهوض والتحرر . 
ولكنني اليوم ، وانا اكتب عن ميلاد البعث ، اشعر بالألم والإحباط ، لأنّ حزب الوحدة ، بات بلا وحدة ، واصبح حزباً منقسماً ، تسيطر عليه  قيادات متفرقة ، وقيادة قومية يبدو انها غير مكترثة لما يحدث ، المفارقة ان الجميع يطرحون نفس الأفكار ، ويحتفلون بنفس المناسبات ، ويؤمنون بنفس الاهداف ، ومع ذلك فهم متنافرون ، فلا ادري ما الذي يفرقهم ، إن لم تكن الأهواء والأنانيات .
هذا الانقسام انعكس سلباً على الكادر الحزبي 
في المستويات التنظيمية ، ليدفعنا للاستنتاج بأن هذه القيادات  والقيادة القومية – لم تدرك اهمية الوحدة ، وإلا لما استمرّ التشتت رغم الجهود المبذولة ، فلو كانوا حقاً يعون خطورة المرحلة واهمية التوحد لتجاوزوا خلافاتهم منذ زمن .
أنا شخصياً ناشدت ، ولازلت ، كل الأطراف من خلال كتاباتي بضرورة (( الوحدة ولم الشمل )) ، خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الحزب في العراق وسائر الأقطار العربية . 
الوضع في العراق على وجه الخصوص بحاجة ماسة لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ليسد الفراغ الهائل بعد سقوط النظام الفاسد الموالي لايران ، فعدم التوحد السريع سيجعلنا نفوت  فرصة تاريخية قد لا تتكرر لعقود قادمة . 
ومن هنا احمل جميع القيادات دون استثناء المسؤولية التاريخية في ضياع هذه الفرصة ، وعلى رأسهم القيادة القومية التي لم تبادر  بأي خطوة جدية نحو توحيد الصفوف ، حتى على مستوى التنظيمات القومية .
المؤسف ان الجميع يتمسكون بالنظام الداخلي ، في حين تجاهلوا كم مرة تم اختراق هذا النظام من قبل القيادة القومية نفسها أو القيادات القطرية الآخرى ، وان كنا واقعيين ، فإننا نجد ان الجميع اليوم لا يمتلكون الشرعية الحزبية الكاملة ، فآخر مؤتمر قومي للحزب عُقد منذ اكثر من (32)سنة ، فهل يعقل ان تبقى القيادة الشرعية دون تجديد كل هذه الفترة ؟ 
رغم كل ذلك ، ونتيجة لما افرزه احتلال  العراق من قوانيين الاجتثاث ، يبقى الامل معقوداً على ان تعي القيادات (القومية والقطرية) – خطورة المرحلة ، وتتحرك فوراً نحو التوحيد ، متجاوزين الخلافات الشخصية والعقليات المتخلفة التي تسلقت إلى هذه المواقع .بهذه الروح فقط يمكن ان نعيد توحيد التنظيم ، وننطلق من جديد نحو تحرير العراق وإحياء مشروع نهضة الامة العربية . 
((ومهما تفرقت  القيادات ، وتكاثفت التحديات ، فإن البعث سيبقى الفكرة الحية ، والمشروع العربي الأصيل وسيبقى البعث فوق الجميع )) 

                                      عمان 
                         6/نيسان / 2025

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Breaking News
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com