ايران سجّلت النقطة الأولى مظهرياً..والورقة العراقية مكافأة فوق البيع
13 أبريل 2025
بقلم المراقب السياسي
واشنطن
تترقب دول المنطقة المجاورة لبؤرة الازمات في الشرق الاوسط، الجلسة الثانية بين “رئيس محور المقاومة” و”الشيطان الأكبر”، السبت المقبل ، بعد ان رشح القليل والمبتسر من جلسة المباحثات الاولى التي بدأت في العاصمة العُمانية بين الولايات المتحدة وايران.
لنبدأ من أول حقيقة في مشهد ماجرى في مسقط ، فقد سجّل الايرانيون نقطة اساسية” ظاهرية” لصالحهم في حصر المفاوضات بالملف النووي دون سواه خلافاً لما أشيع عن بنود اخرى منها البرنامج الصاروخي او الأذرع المليشياوية الموالية في العراق واليمن. لكن ستيف ويتكوف اكد لاحقاً ان برنامج التسلح مرتبط بالنووي ، وهو الامر الذي تحاول ايران تجاهله علنا ورفضه سراً .
لانزال في بداية المشهد، وانّ الآتي لايزال مجهولاً لاسيما انّ مرشد ايران الأعلى علي خامنئي اجتمع مع قادة الجيش الايراني للمرة الاولى بعد ساعات من المباحثات الامريكية الايرانية ليؤكد على ضرورة ابقاء الجاهزية في اقصى حد، لننتبه الى انّه اجتمع مع “الجيش” وليس الحرس الثوري ،صاحب السلطة الحقيقية.
غير ان تسجيل النقطة الاولى في الظهور في مشهد الند للند مظهرياً لا ينفي أبدا امكانية انتهاء الجولات بالضربة القاضية برغم من عدم ترجيحها الساعة.
بالرغم من انّ مرشد ايران علي خامنئي قال انه متشائم من نتائج وثمار المفاوضات.
وفي الوقت الذي لا أحد يعرف فيه على وجه الدقة ما دار في تلك الجلسة التي استغرقت ساعتين ونصف الساعة وكان وزير الخارجية العُماني البو سعيدي يتنقل اربع مرات في الاقل بين الجانبين قبل المصافحة وكلام المجاملة المباشر بين المسؤولين الايراني والامريكي وهما يغادران، التزمت واشنطن التحفظ والايجاز والتريث ،و اصدرت بيانا اعتبرت فيها المباحثات “ايجابية جداً وبناءة” وكذلك وصفها الإيرانيون بعبارات مديح وروّج لها عباس عراقي وزير الخارجية في الاعلام الايراني الداخلي بأنها كانت جلسة ناجحة وان الوفد الامريكي كان متفهما ولم تعترِ المباحثات اية كلمة غير مناسبة، وتوقع الطرفان استئنافها بما يفضي إلى التوصل إلى اتفاق نووي تأمل فيه الادارة الامريكية تجريد ايران من قدرتها على امتلاك السلاح النووي، وتريد ايران تحقيق الهدف الرئيسي وهو رفع العقوبات بانواعها عنها.
تبدو الأمور حتى الان متجهة إلى التهدئة، ولا توجد علامة حقيقية على قرب نشوب مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران لأسباب عديدة ابرزها:
في انه بعيداً عن جعجعة خطاب الرئيس لأمريكي دونالد ترامب، فانّ اول تراجع أمريكي حيال ايران تجلى بإعلان واشنطن رغبتها بالتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، وهو الاتفاق ذاته الذي كان ترامب قد رفضه شخصيا عام 2018، وانسحب منه خلال ولايته الرئاسية الاولى.
فيما مالت الاساطيل الامريكية في حركتها من التوجه نحو السواحل الايرانية الى ساحل سلطنة عُمان.
ان البرنامج الرئاسي الذي اعلن عنه الرئيس ترامب عام 2024 يقترح الابتعاد عن الدخول بمواجهات عسكرية في الشرق الأوسط، وربما سحب بعض قواته في المنطقة، لا سيما في سوريا، لكن هذا الأمر يبقى مرهونا بطبيعة الحال بضمان أمن إسرائيل.
الاهم استراتيجيا، هي أن ايران كانت منذ اكثر من أربعين عاماً العدو أو “البعبع” المفيد للولايات المتحدة في المنطقة. فمن دون الخطر الإيراني لن يكون بوسع أمريكا ان تبتزّ دول المنطقة لحمايتها من اي عدوان إيراني محتمل. فلو غابت ايران، ما الذي ستحميه امريكا في منطقتنا، وبماذا ستبرر وجودها في المنطقة!
وكانت اللعبة ذاتها قد افاد منها الامريكان حين تورط صدام حسين في غزو الكويت1990 -1991 وفتح اول باب على المنطقة للتدخل الامريكي.
، ينبغي دائما ،عدم نسيان حقيقة ان نظام ولاية الفقيه في طهران لم يكن قادراً على تسلم السلطة في ايران من دون دعم امريكا، بما في ذلك تسهيل مغادرة الشاه للبلاد عام 1979، وضمان هبوط طائرة الخطوط الجوية الفرنسية وعلى متنها الخميني بأمان في مطار طهران، وإقناع جنرالات ايران بعدم مقاومة الخميني، وبالتالي إشعال المنطقة بنار الانقسام الطائفي الذي احرق الاخضر واليابس ولم تنطفئ جذوته حتى اليوم.
وبغية عدم ترك ايران تنسى مكانتها المرسومة لها منذ مؤتمر طهران المنعقد عام 1943، فقد استطاعت امريكا مؤخرا تقليم أظافر ايران فطردتها من سوريا، وقطعت عنها منفذها إلى لبنان بعد أن قضت على قادة حزب الله الموالين لها. وفي العراق، تشير المعطيات إلى أن واشنطن لا تمانع من بقاء العراق ساحة خلفية للجمهورية الاسلامية الايرانية طالما التزمت طهران بشروط واشنطن في المنطقة، وضمنت مصالح امريكا، وابقت العراق ضعيفا فاسدا ممزقا.
الورقة العراقية ستكون بيد ايران مكافأة الترضية فوق “ البيع” اذا تم كما تريد ادارة ترامب.
في كلا الحالين، ستنعكس نتائج ما يجري بين الولايات المتحدة وايران على العراق وحده دون الدول الاخرى، وان الترجيح واضح في استمرار حكم المليشيات في العراق حتى لو جرى تطعيمه بعنصر او عنصرين من لوازم الخلطة، كما حدث حين جاءوا بمصطفى الكاظمي يطفىء غضب الشيعة بديلاً عن عادل عبدالمهدي المتماهي حد الذوبان في المشروع الإيراني.