ربيع فيصل الحافظ
كاتب من العراق مقيم في بريطانيا
قرار السلطان سليمان القانوني عند دخوله بغداد وطرده للصفويين منها عام 1532 بتوطين القبائل العربية فيها وتعريبها بعد ان وجد ان العرب لا يمثلون اكثر 15% من سكانها، هذه المعلومة المفصلية في تاريخ بغداد والموثقة في الأرشيف العثماني تضعنا أمام أكثر من سؤال صعب:
– إذا كانت بغداد هي عرين العروبة، وهي كذلك، فكيف حجبت هذه المحطة المفصلية عن المناهج التربوية وكيف أنها لا تزال محجوبة عن الوعي العام حتى اللحظة وبغداد محتلة من قبل نفس المحتل؟
– هل مَن يناصر قضايا العرب يشهر أم يطمس؟
– أم أننا أمام سؤال مختلف وهو أن من وضع لنا المناهج التربوية عند نشوء الدول العربية بعد الحرب العالمية الأولى لم يطلع على الأرشيف العثماني الذي هو مفكرة يومية لحياة الشعوب؟
الإجابات كلها صعبة وربما والأفضل أننا نسلك مسلكاً يلبي قلقنا المشترك ونحن نرصد التغيير السكاني الممنهج الذي يستهدف مدننا، وليكن ذلك المسلك هو الإقرار بأن في الثقافة الوطنية التي بين أيدينا من الثغرات ما يجعلها لا تبصر الألغام ولا تميز الأصدقاء ومن ثم هي تعطل مقدرتنا على المحافظة على سلامتنا وإعادة اكتشاف حلفائنا الحقيقيين في صراع هو ليس بالمحلي بل هو إقليمي بكل المقاييس ما يجعل هذه الثقافة فاقدة للصلاحية وغير كفء لتوجيه الصراع وأنها بحاجة إلى مراجعة.
لا بديل غير المراجعة سوى التخبط، فكيف يستقيم حالنا ونحن نشارك السوريين الفرحة بتحرير بلدهم بمساعدة الأتراك في نفس الوقت نتواصى بثقافة تحرمنا ذخيرة حيوية في معركة كالتي خاضوها،
إن من سمات الأغلبيات لدى سائر الأمم أنها تجدد نفسها وتضيف إلى ترسانتها الفكرية والاجتماعية بحسب ما تقتضيه التحديات الجديدة لذا هي بيئة نابضة وجاذبة للكفاءات وهذا سر (كاريزما) مجتمعاتها التي تنمو نوعاً وكماً وهو ما يميزها عن الأقليات التي يتوقف عندها الزمن وتعيش في ضآلة عددية وضآلة فكرية دائمتين.