عبدالواسع الفاتكي
كاتب من اليمن
بعد ما يقارب من شهر ونيف من الضربات العسكرية الأمريكية على الحوثيين ، والتي قدرت على لسان أحد المسؤولين الأمريكيين بما يفوق ٧٥٠ ضربة عسكرية برية أو بحرية ، طالت اهدافا متنوعة في مناطق سيطرة الحوثيين ، يصبح السؤال البديهي ، هل حققت تلكم الضربات العسكرية أهدافها ؟! وهل أضعفت قدرات الحوثيين العسكرية والاقتصادية؟!
لا يمكن الجزم بأن تلكم الضربات قد أضعفت قدرات الحوثيين العسكرية ، على النحو الذي أعلنت عنه واشنطن ، بقراءة عسكرية للضربات الأمريكية على الحوثيين ، نجد انها استهدفت أهدافا قصفت سابقا من التحالف العربي ، وبالتالي فقصف الأمريكان لها مرة أخرى ، لا يعطي قيمة عسكرية ؛ حيث إن الحوثيين قد افرغوها من اي سلاح او عناصر بشرية إلا بشكل رمزي .
كما أن الحوثيين بعد بدء واشنطن ضرباتها في ١٥ مارس ٢٠٢٥م ، غيروا من خارطة مواقعهم العسكرية ؛ فأفرغوا المواقع التي لم تستهدف في اول يوم من بدء الضربات العسكرية ؛ فنقلوا منها المعدات لأماكن مدنية أو لمناطق نائية بعيدة عن المدن الرئيسة ، كإجراء احترازي ، إضافة إلى أن الحوثيين عادة ما يوزعون عناصرهم ومعداتهم في أماكن ومرافق مدنية ، كدرع بشري ، يجعل واشنطن في حيرة من أمرها ، هل تستهدف تلك المرافق فيسقط مدنيون أو تحجم عن استهدافها ويظل الحوثيون متحصنين بها ؟!
من نافلة القول التأكيد على أن آثارا لحقت بالحوثيين عسكرية واقتصادية ، جراء مئات الضربات الأمريكية ؛ حيث دمرت مراكز القيادة والسيطرة ، وجزءا من مخازن السلاح ، وبعضا من منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة ، وورش التجميع ، وكذلك سقوط عدد من قيادات الصف الثاني والثالث وبعض العناصر القتالية ، لكن كل ذلك لا يرقى للحد الذي ينهي إمكانيات الحوثيين لدرجة كبيرة ؛ بحيث تضمن واشنطن عدم قدرة الحوثيين إطلاق الصواريخ على السفن في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن .
عادة الضربات الجوية على مجاميع قتالية كالحوثيين لا تؤتي ثمارها ، على الشكل المطلوب ، ولا تحقق نتائج ساحقة ، خاصة إذا كانت تستهدف مليشيات مبعثرة في خارطة جغرافية معقدة ؛ فالمجاميع القتالية الحوثية ، ليست كالجيوش النظامية ، التي من السهل أن تلحق بها الضربات الجوية أو البحرية خسائر فادحة .
مسار الصراع بين أمريكا والحوثيين مفتوح على أكثر من اتجاه ، قد تستمر واشنطن بضرباتها مع تغيير خارطة الأهداف ؛ بحيث تستهدف اهدافا عسكرية ذات قيمة عالية ، تلحق أضرارا بالغة بقدرات الحوثيين العسكرية وقد تدخل الأمم المتحدة في خط الصراع أو عمان ، من خلال وساطة تفضي لالتزام الحوثيين بعدم شنن عمليات عسكرية على خطوط الملاحة الدولية ، ومن ثم تكف أمريكا عن الضربات العسكرية الجوية أو البحرية وهو ما بدأت خيوطه تتكشف من خلال لقاء المبعوث الأممي لليمن هانس غرودينبيرغ بناطق الحوثيين وعدد من قياداتهم في مسقط ، وربما توجه إيران الحوثيين بأن يكفوا عن تهديد الملاحة الدولية مقابل وقف العمليات العسكرية الأمريكية ضدهم ، سيما وان إيران وأمريكا تجريان في مسقط مباحثات بوساطة عمانية ، ويعد الملف اليمني من أهم الملفات المطروحة للنقاش بينهما .
في حال استمرار تصلب موقف الحوثيين ؛ فمن المرجح أن تدعم واشنطن السلطة الشرعية لشن عملية برية لطرد الحوثيين من السواحل اليمنية ، التي ما زالوا يسيطرون عليها ، وهذا المسار تتخلق عوامل تعزز من ترجيحه ، وحتى يتخذ قرار بتنفيذه ، هناك حاجة وضرورة لتوافق دولي وإقليمي مازال قيد التشكيل حتى اللحظة الراهنة .
عبدالواسع الفاتكي
كاتب صحفي ومحلل سياسي يمني