الخوف
مصطفى ملح
———–
شاعر من المغرب
مُنْذُ أَرْبَعينَ عاماً وأَنا خائِفٌ،
أَخافُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى ولَوْ كانَ لُؤْلُؤاً.
لَمْ يَفْهَمْني أَحَدٌ.
لُغَةٌ هيروغْليفِيَّةٌ أَنا في لَوْحٍ غَيْرِ مَحْفوظٍ.
لُغْزٌ في فيلْمٍ بوليسِيٍّ لَيْسَتْ لَهُ نِهايَةٌ.
أَخافُ كُلَّ شَيْءٍ:
سُقوطَ أَسْناني في فَمٍ مِثْلَ فوهَةِ بِرْميلٍ،
الرَّأْسُ الذي وَخَطَهُ الشَّيْبُ،
اِرْتِفاعُ ضَغْطِ الدَّمِ،
اِنْفِجارُ قِنّينَةِ الغازِ في المَطْبَخِ،
اِنْتِشارُ الطّاعونِ في الأَحْلامِ المُهَدَّدَةِ بِالكَوابيسِ،
حادِثَةُ سَيْرٍ بَيْنَ فَراشَةٍ ومِصْباحٍ بِعَمودٍ في الشّارِعِ،
اِنْسِكابُ سَحابَةٍ قادِمَةٍ مِنْ سَماءٍ ثامِنَةٍ،
مَجيءُ يَوْمِ القِيامَةِ قَبْلَ سَقْيِ اللَّبْلابِ في الشُّرْفَةِ،
اِنْقِطاعُ التَّيّارِ الكَهْرَبائِيِّ قَبْلَ نِهايَةِ الفيلْمِ؛
فيلْمِ الجَميلَةِ والوَحْشِ..
أَخافُ كُلَّ شَيْءٍ،
ولا أَسْتَطيعُ أَنْ أَمْشِيَ في الشّارِعِ،
دونَ أَنْ يُرافِقَني الأَشْباحُ.
أَتَخَيَّلُ أَبي يَأْكُلُ أُمّي،
وحينَ يَنْتَهي يَغْسِلُ يَدَيْهِ ويُصَلّي ويَنامُ،
وقُبَيْلَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ،
تَتَجَمَّعُ العِظامُ وتَتَشَكَّلُ وتَصيرُ جَسَداً تامّاً،
كَما يَحْدُثُ تَماماً في أَفْلامِ الرُّعْبِ الأَمْريكِيَّةِ،
وتَقومُ أَمّي؛ الجَسَدُ الذي تَشَكَّلَ فَوْراً،
وتَأْكُلُ أَبي،
ثُمَّ تُحَمْدِلُ وتَغْسِلُ يَدَيْها وتُصَلّي رَكْعَتَيْنِ،
وتَنامُ في السَّريرِ إلى جانِبِ ما تَبَقّى مِنْ عِظامِ أَبي!
مُنْذُ ذَلِكَ اليَوْمِ،
وأَنا أَخافُ أَنْ يَأْكُلَني أَبي وأُمّي!
جَواسيسُ الحَجّاجِ بْنِ يوسُفَ الثَّقَفِيِّ لا تَنامُ،
وأَنا لا أُحِبُّ بَني أُمَيَّةَ كَثيراً،
ولا أَشْعُرُ بِالعَداءِ للظِّباءِ والأَيائِلِ والأَبْقارِ،
لَنْ أَكونَ مع أَسَدٍ ضِدَّ حِمارٍ وَحْشِيٍّ،
ولا مع ضَبُعٍ ضِدَّ أَرْنَبٍ بَرِّيٍّ.
عَيْنايَ لا تُمَيِّزانِ جَيِّداً بَيْنَ الدُّلْفينِ والقِرْشِ،
رُبَّما أَنامُ إِلى جانِبِهِما معاً،
وفي الصَّباحِ يَغْطِسُ القِرْشُ في البَحْرِ،
أَمّا الدُّلْفينُ فَيَبْكي فَوْقَ جُثَّتي،
ويُقْسِمُ بِأَنَّهُ بَريءٌ تَماماً،
ولأَنّني مَيِّتٌ لا أَسْتَطيعُ أَنْ أَتَّخِذَ مَوْقِفاً اتُّجاهَ ما يَحْصُلُ،
فَقَطْ أَتْرُكُ القِرْشَ يَسْبَحُ بَيْنَ الأَمْواجِ،
وأَتْرُكُ الدُّلْفينَ يَبْكي عَلَيَّ!
زَوْجَتي تَدْخُلُ إِلى المَطْبَخِ وقَدْ لا تَخْرُجُ أَبَداً،
أَخْشى أَنْ يُصيبَها مَكْروهٌ في عُزْلَتِها،
أَبْعَثُ رَسائِلَ إِلى الطَّوارِقِ في الصَّحْراءِ،
وإِلى الغَجَرِيّينَ في المُدُنِ السِّيّاحِيَّةِ العَتيقَةِ،
وإِلى الهُنودِ الحُمْرِ في الأَدْغالِ:
زَوْجَتي لَمْ تَعُدْ،
زَوْجَتي لَيْسَتْ كَما تَتَصَوَّرونَ،
هِيَ مُجَرَّدُ أَرْنَبٍ دَخَلَ إِلى الجُحْرِ،
بَحْثاً عَنْ جَزَرَةٍ أَوْ عُشْبَةٍ أَوْ عَتَمَةٍ لِيَنامَ.
الذينَ ماتوا، قَبْلَ عِشْرينَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرَ
ما زِلْتُ أَرى ظِلالَهُمْ تَجْلِسُ على الكَراسي،
وتَمُدُّ الأَيْدِيَ إِلى اللُّقْمَةِ فَوْقَ المائِدَةِ.
لَنْ أُخْبِرَ طَبيباً نَفْسانِيّاً،
ولا راقِياً،
ولا دَجّالاً،
لا أَحَدَ مِنْهُمْ يُصْغي إِلَيَّ ولَوْ مَرَةً واحِدَةً،
سَيَتَّهِمونَني بِالحُمْقِ والمَسِّ والتَّوَحُّدِ والهِسْتيرْيا،
لَكِنَّني الوَحيدُ الذي أَرى ما لَمْ تَراهُ أَنْتَ:
هُمْ الخائِفونَ أَكْثَرَ مِنّي؛
الطَّبيبُ النَّفْسانِيُّ والرّاقي والدَّجّالُ؛
كُلُّهُمْ يَرَوْنَ ظِلالَ مَوْتاهُمْ تَجْلِسُ على الكَراسي،
وتَمُدُّ الأَيْدِيَ نَحْوَ اللُّقْمَةِ فَوْقَ المائِدَةِ،
وحينَ يَشْبَعونَ يَرْجِعونَ إِلى قُبورِهِمْ!
أَنا رَجَلٌ خائِفٌ،
لَكِنَّ الطَّبيبَ النَّفْسانِيَّ والرّاقيَ والدَّجّالَ،
أَكْثَرُ خَوْفاً مِنّي!
الشَّمْسُ تَطْلَعُ مِنَ المَغْرِبِ،
هَلْ خَرَجَ يَأْجوجُ ومَأْجوجُ مِنَ السَّراديبِ السُّفْلِيَّةِ؟
كُلُّ شَيْءٍ يولَجُ في شَيْءٍ آخَرَ،
قَدَمُ الأَبَدِيَّةِ تُخْلَعُ ويُصْبِحُ الوُجودُ حافِياً،
إِنّي أَشْعُرُ بِالخَوْفِ يا إِلهي،
أَشْعُرُ بِأَنَّ نِهايَةَ العالَمينَ وَشيكَةٌ،
وأَنَّ المَوْتَ آتٍ لا مَفَرُّ مِنْهُ،
حَتّى ولَوِ اخْتَبَأَ النّاسُ في بُروجٍ مُشَيَّدَةٍ.
هَبْني يَوْماً واحِداً يا رَبِّ لأَعْبُدَكَ كَما تَشاءُ،
ساعَةٌ واحِدَةٌ تَكْفي لأَغْسِلَ ذُنوبي بالصّابونِ،
وأَنْشُرَها لِتَجِفَّ فَوْقَ الأَشْجارِ.
دَقيقَةٌ واحِدَةٌ تَكْفي لأُدَرِّبَ قَدَمَيَّ الحافِيَتَيْنِ،
على المَشْيِ فَوْقَ الصِّراطِ الحادِّ.
ثانِيَةٌ واحِدَةٌ يا رَبِّ،
تَكْفيني لأَنْطِقَ بِالشَّهادَتَيْنِ قَبْلَ إِخْراجِ الرّوحِ.
أَنامُ لَيْلاً وفي الصَّباحِ أَفْتَحُ عَيْنَيَّ فلا أَجِدُني،
مَنْ سَرَقَني ولَمْ يَتْرُكْ أَثَراً في المَكانِ؟
أَيْنَ أَنا؟
أُفَتِّشُ هُنا وهُناكَ ولَكِنْ لا أَثَرَ لي،
أُفَتِّشَ تَحْتَ الأَنْقاضِ وفَوْقَها ولا أَثَرَ لي،
أُفَتِّشُ دَفاتِرَ الحالَةِ المَدَنِيَّةِ في البَلَدِيّاتِ،
أُفَتِّشُ السُّجونَ ومُسْتَوْدَعاتِ الأَمْواتِ ولا أَثَرَ لي،
وأَخيراً أَعودُ بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ،
مُتَأَكِّداً أَنَّني تِهْتُ ولَنْ أَعودَ أَبَداً!
الحَبيبَةُ التي سَأَلْتَقيها في الشّارِعِ العامِّ،
قُرْبَ النّافورَةِ ذاتِ المِياهِ المُلَوَّنَةِ،
والتِّمْثالِ النُّحاسِيِّ لِفارِسٍ يَحْمِلُ عَلَماً،
تِلْكَ المَرْأَةُ لَنْ تَأْتِيَ في المَوْعِدِ،
أَخْشى أَنْ تَنْتَسِبَ إِلى المافْيا،
وتُخْبِرَ الزَّعيمَ بِأَنّني صَديقٌ قَديمٌ للعَصافيرِ.
مُنْذُ أَرْبَعينَ عاماً وأَكْثَرَ وأَنا خائِفٌ.
مُنْذُ أَرْبَعينَ عاماً أَوْ أَكْثَرَ،
وأَنا أَضَعُ قُبَّعَةً مِنْ فولاذٍ فَوْقَ رَأْسي،
مَخافَةَ أَنْ تَسْقُطُ السّماءُ على حينِ غَرَّةٍ.
لا أَسْتَطيعُ أَنْ أَدْخُلُ قَبْواً مُعْتِماً،
دونَ قِراءَةِ الفاتِحَةِ والمُعَوِّذَتَيْنِ وأَواخِرِ البَقَرَةِ وآلِ عِمْرانَ،
لَكِنَّ الكابوسَ لا يَفْسَحُ المَجالَ لمُرورِ جَسَدي في القَبْوِ.
أَقْرَأُ وأُجَوِّدُ وأَدْعو ولا فائِدَةَ،
القَبْوُ هُوَ الواقِعُ،
والكابوسُ جَسَدي!
أَخافُ مِنْ أَعْيادِ الميلادِ،
ومِنَ الشّموعِ التي تُحْتَضَرُ فَوْقَ أَطْباقِ الحَلْوى،
ومِنَ الشِّفاهِ التي تُشَكِّلُ كورالاً: سَنَةٌ حُلْوَةٌ يا جَميلُ!
مُنْذُ أَرْبَعينَ عاماً أَوْ أَكْثَرَ،
وأَنا أَخافُ مِنَ الفَرَحِ.
لَسْتُ أَدْري لِماذا عَلَّمَتْني جَدَّتي بِأَنَّ الضَّحِكَ عَيْبٌ،
وأَنَّ الرَّقْصَ في الأَعْيادِ ع َيْبٌ،
وأَنَّ إِطْلاقَ البالوناتِ المُلَوَّنَةِ في المُناسَباتِ عَيْبٌ،
وأَنَّ الصَّفيرَ في البَيْتِ يَجْلُبُ الجِنَّ،
وأَنَّ النَّفْخَ في المَزاميرِ يَسْتَفِزُّ الشَّياطينَ،
وأَنَّ الحُزْنَ هُوَ رِداءُ الصّالِحينَ،
وأَنَّ السُّكوتَ في حَضْرَةِ الآخَرينَ حِكْمَةٌ،
وأَنَّ النَّوْمَ بَعْدَ غُروبِ الشَّمْسِ مِنْ رِضى الوالِدَيْنِ.
كُنْتُ أَحْلُمَ بِالسَّهَرِ مِثْلَ النُّجومِ،
وإِلْقاءِ التَّحِيَّةِ على القَمَرِ في مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ،
والإِصْغاءِ إِلى نَقيقِ الضَّفادِعِ في المُسْتَنْقَعاتِ،
ولَمْسِ الأَنْسامِ التي تَتَدَفَّقُ قُبَيْلَ الفَجْرِ،
لَكِنَّني كُنْتُ خائِفاً وما زِلْتُ،
وسَوْفَ أَظَلُّ خائِفاً إِلى الأَبَدِ!
العَيْنُ الثّالِثَةُ التي رَزَقَنيها اللَّهُ،
أَرى بِها ما لا يُرى:
الحِبالُ أَفاعٍ والسَّنابِلُ مِدْفَعِيّاتٌ،
الذِّكْرَياتٌ أَوْساخٌ بِقُماشٍ اسْمُهُ الماضي،
رَسائِلُ الحُبِّ فيروساتٌ والقَمَرُ جَنازَةٌ،
والعَواطِفُ فَزّاعاتٌ مُعَلَّقَةٌ على هَياكِلَ عَظْمِيَّةٍ..
هَكَذا صِرْتُ أَرى الأَشْياءَ بالعَيْنِ الثّالِثَةِ،
خائِفٌ مِنْ أَعْلى الهامَةِ إلى أَخْمَصِ القَدَمَيْنِ،
وحينَ أَنامُ أَموتُ،
وفي الصًّباحِ أُولَدُ مِنْ جَديدٍ!
كُنْتُ أَحْلُمُ بِأَنْ أَشْتَغِلَ في الجامِعَةِ،
وعِنْدَما كَبُرْتُ صارَتِ الجامِعاتُ عُلَباً للقِمارِ.
لَيْتَني ما كَبُرْتُ،
على الأَقَلِّ كُنْتُ في صِغَري أُطْلِقُ طائِراتِ الوَرَقِ،
وأَلْعَبُ الحَبْلَ مع البَناتِ في المَدْرَسَةِ،
وأَذْهَبُ مع جَدّي إِلى السّوقِ الأُسْبوعِيِّ،
واَقْرَأُ جَبْرانَ وأَسْمَعُ مُنيرَةَ المَهْدِيَّةَ،
وأُصْغي إلى الموسيقى الغَرْناطِيَّةِ في الأَعْيادِ،
وأَنْتَظِرُ ساعي البَريدِ نِهايَةَ كُلِّ أُسْبوعٍ،
وأَنْصِبُ فَخَّيْنِ أَوْ ثَلاثَةً لِخِداعِ عُصْفورٍ مُراهِقٍ..
أَمّا الآنَ و قَدْ كَبُرْتُ،
فلا شَيْءَ يُغْريني البَتَّةَ،
ولا أُفَكِّرُ في غَنيمَةٍ أَغْنَمُها،
ولا في مَعْرَكَةٍ أَفوزُ فيها،
ولا في حورِيَّةِ بَحْرٍ أُضاجِعُها،
ولا في امْبراطورِيَّةٍ واسِعَةٍ أَحْتَلُّها،
ولا في جَدَّةٍ حَنونٍ أَرْكَبُ ظَهْرَها..
لِذَلِكَ جَلَسْتُ قُرْبَ المِحْراثِ الخَشَبِيِّ القَديمِ،
وشَرَعْتُ أُحَدِّقُ في الطُّيورِ وهِيَ تَشُقُّ السَّماءَ،
وفي الأَنْعامِ وهِيَ تَجْتَرُّ الكَلأَ بِسَعادَةٍ،
وفي قَوْسِ قُزَحٍ وهُوَ يَتَبَخْتَرُ كَطاووسٍ،
وفي الظَّهيرَةِ تَتَأَوَّهُ كامْرَأَةٍ تُمارِسُ الحُبَّ،
وفي الخَطاطيفِ يَتَحَرَّشُ ذُكورُها بإِناثِها،
وفي الكِلابِ تَلْعَقُ الماءَ مِنَ السّاقِيَةِ،
وفي الرُّعاةِ يَنْفُخونَ في الشَّبّاباتِ،
وفي زَوْجاتِ الفَلاّحينَ قاصِداتٍ أَزْواجَهُنَّ
حامِلاتٍ سِلالاً مَلأى بِالخُبْزِ والشّايِ والزَّيْتونِ..
أَمّا أَنا،
فَصِرْتً مِحْراثاً آخَرَ؛
مِحْراثاً خَشَبِيّاً قَديماً مَرْكوناً في الفَراغِ،
خائِفاً كُنْتُ،
خائِفاً أَكونُ.
الفَلاّحونَ يَأْكُلونَ الخُبْزَ ساخِناً،
وزَيْتُ الزَّيْتونِ يَلْمَعُ في الطَّبَقِ الحَديدِيِّ.
في الأَعْلى طُيورٌ بَيْضاءُ تَنْتَظِرُ خُروجَ دودَةٍ مِنَ الأُخْدودِ،
تَخْرُجُ الدّيدانُ مُشَكِّلاتٍ وَطَناً زاحِفاً،
والطُّيورُ البَيْضاءُ تَغْرِسُ مَناقيرَها في البَياضِ،
وما زالَ زَيْتُ الزَّيْتونِ يَلْمَعُ في الطَّبَقِ،
وأَنا أَخافُ مِنَ الدّيدانِ والطُّيورِ،
ولا أُفَكِّرُ إِلاّ في أَمْرٍ واحِدٍ:
أَنْ أَجْلِسَ قُرْبَ المِحْراثِ الخَشَبِيِّ وأَتَأَمَّلُ:
الزَّوْجاتُ عائِداتٌ إلى الأَكْواخِ،
الفلاّحونَ يُواصِلونَ تَشْييدَ العِمارَةِ الوُجودِيَّةِ،
أَمّا أَنا،
فَصِرْتً مِحْراثاً آخَرَ؛
مِحْراثاً خَشَبِيّاً قَديماً مَرْكوناً في الفَراغِ،
خائِفاً كُنْتُ،
خائِفاً أَكونُ.
للنَّجاةِ مِنَ الغولِ،
كُنْتُ أَرُشُّ المِلْحَ تَحْتَ السَّريرِ،
وأَضَعُ القُرْآنَ تَحْتَ الوِسادَةِ.
كَبُرْتُ بَعْدَ أَرْبَعينَ عاماً وكَبُرَ الغولُ،
صِرْنا صَديقَيْنِ في السَّرّاءِ والضَّرّاءِ،
ومَرَّتِ الأَعْوامُ،
سَقَطَتْ أَسْناني والشَّيْبُ وَخَطَ شَعْري،
صِرْتُ عَجوزاً مُخيفاً فَلَمْ يَعُدِ الغولُ صَديقي،
أَصْبَحَ يَتَفاداني،
وطَلَباً للنَّجاةِ مِنّي،
صارَ يَرُشُّ المِلْحَ تَحْتَ السَّريرٍ،
ويَضَعُ القُرْآنَ تَحْتَ الوِسادَةِ!
========
قصيدة خاصة بصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب
عذراً التعليقات مغلقة