الرباط – قريش
ودع المغرب الثقافي والفني ابنة الشعب، ابنة “درب السلطان” أقدم حي بالدار البيضاء وسيدة وأيقونة المسرح المغربي ثريا جبران(68 عاما) – السعدية قريطيف – سيدة الفن الجميل، بعد صراع مع المرض، التي ظلت شاهدة على مرحلة زمن الجمر والرصاص لما تعرضت للاختطاف على يد مجهولين، حينما كانت متجهة للمشاركة في برنامج بقناة مغربية على درجة من الجرأة في فتح مواضيع وقضايا فنية وسياسية، وخلال اختطافها تم الاعتداء عليها بحلق شعرها، وفي ذلك رسائل كانت موجهة لها وإلى المقربين منها وإلى أصدقائها في عالم الثقافة والفن والفكر.
والراحلة الفنانة ووزيرة الثقافة الأسبق ثريا جبران التي غيبها الموت الاثنين بمدينة الدار البيضاء، ابنة الهامش التي تعتبر أول فنانة مغربية في تاريخ المغرب جاءت من الهامش لتجلس على كرسي وزارة الثقافة(2007/2009). وكانت الراحلة ثريا جبران دخلت مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة البيضاء للعلاج بعد تدهور حالتها الصحية.
وفي هذا الاطار، تعتبر الثريا التي انطفأت روحها فنانة عصامية مخضرمة ، مبدعة في التلفزيون والسينما والمسرح قلما يجود الركح بمثلها، لمع نجمها مع فرقة “مسرح اليوم”، وتميَّز عطاؤها ونجاحها الفني أواخر الثمانينات والتسعينات، وساهمت في تأسيس فرق مثل “مسرح الشعب” و”مسرح الفرجة” و”مسرح الفنانين المتحدين”. وشكل العمل مع المسرحي الراحل الطيب الصديقي مرحلة مهمة في مسارها الفني، حيث شاركت معه في تشخيص مسرحية “سيدي عبد الرحمن المجدوب” و”أبو حيان التوحيدي” ضمن “فرقة الناس.”
وتميز مسارها الفني الطويل الحافل بأداء أدوار فنية ومسرحية فائقة الجودة وأثبتت على خشبة المسرح المغربي والعربي.
من جهته، نعى بيت الشعر في المغرب الذي يرأسه الشاعر الدكتور مراد القادري، واعتبر أن الفقيدة علامةً بارزة في تاريخ المسرح المغربي، فقد استطاعت بموهبتِها أن تحظى بمكانةٍ مُعتبرة داخل قلوب ووجدان المغاربة، من خلال الأدوار المسرحية التي جسدتها ابتداء من خطواتها الأولى في “المسرح البلدي” إلى جانب الرائد الطيب الصديقي، وصولا إلى تأسيسها وإدارتها الناجحة لفرقة “مسرح اليوم” ، وهو ما جعل منها أيقونة مغربية، ونموذجا حيًّا لتلاحم الفنان مع قضايا مجتمعه، خاصة بعد أن جعلت الفقيدة من حضورها الفني والمسرحي وسيلة للتعبير عن آمال وأحلام المغاربة في الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.”
كما أشار بيت الشعر في المغرب أن الراحلة ثريا جبران “استحقت عن جدارة، عضوية بيت الشعر في المغرب، إلى جانب شعراء و نقاد الشعر وقلّة من الفنانين من رجال المسرح و التشكيل والموسيقي و السينما الذين جعلوا من الشعر أفقا لاشتغالهم الإبداعي. “
من جانب آخر، استحضر بيت الشعر في المغرب الدور البارز الذي “قامت به لفائِدة الشعر المغربي عامة، ولبيت الشعر في المغرب، الذي التحقت به عضوا كامل العضوية منذ تأسيسه في سنة 1996.”
فيما أبرز الشاعر مراد القادري رئيس بيت الشعر في المغرب أن الفنانة الراحلة ثريا جبران أخذت على عاتقها التعريف بالشعر المغربي وبرموزه ووجوهه البارزة، وتقريب منجزه و تجاربه بمختلف تعابيرها الفنية والجمالية واللغوية إلى الجمهور المغربي والعربي والعالمي، “وذلك عبر مسرحتها للعديد من التجارب الشعرية المغربية وتقديمها على خشبة المسرح، وهو ما جعل من الشّعر رافدًا هامّا لتجربتها المسرحية، وعُنصرا بانيا لخطابها الثقافي والفني.”
على صعيد آخر، يذكر أن الفنانة الراحلة ثريا جبران أسست إلى جانب المؤلف والمخرج المسرحي زوجها عبد الواحد عوزري، إلى تأسيس فرقة جديدة، شكلت تجربة مهمة وورشة هدفها إعادة الاعتبار للمسرح المغربي ورفع مستواه. ومن بين أعمالها “حكايات بلاحدود” و”نركبو الهبال” و”بوغابة” و”النمرود في هوليود” و”امرأة غاضبة” و”جنان الكرمة” و”خط الرجعة” و”العين والمطفية” و”عود الورد”.
ويشار أن الراحلة ثريا جبران، التي عينت وزيرة للثقافة سنة 2007، دراستها الابتدائية والثانوية بمسقط رأسها مدينة الدار البيضاء، وحصلت على ديبلوم التخصص المسرحي من المعهد الوطني.
وحرصت ثريا جبران خلال مهمتها على رأس وزارة الثقافة على متابعة الأوراش الثقافية الكبرى بمدينة الرباط : المكتبة الوطنية، والمتحف الوطني، ومسرح الرباط الكبير، والمعهد العالي للموسيقى والرقص، إلى جانب العناية بقضايا الفنانين، والبنيات الثقافية الجهوية.
وحصلت الفنانة ثريا جبران على العديد من الجوائز والأوسمة في عدد من المهرجانات الوطنية والدولية، من قبيل وسام الاستحقاق الوطني، ووسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب.
عذراً التعليقات مغلقة