فواز الطيب
سنتكلم اليوم عن القيم المطلقة : ” من السهل على الإنسان أن يقلد صوت الحمار ، ولكن من الصعب أن يكون له القدرة على التحمل والصبر” ، جملة جدية سمعناها في مسرحية مدرسة المشاغبين الكوميدية في محاضرة المنطق للست ( عفت) سهير البابلي وهي تريد ايصال فكرة أن الإنسان يبقى إنسان والحمار يبقى حمار ولا يمكن تبادل الأدوار بأي حال من الأحوال .
وعلى نفس القياس يمكن أن ننشئ جملة جديدة نقول فيها ، ” من السهل على المجتمعات أن تقلد شكل الدولة لكن من الصعب أن يصبحوا دولة بالفعل” ، فما هي الدولة يا إنسان ؟ الدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين متفق عليه فيما بينهم يتولى شؤون الدولة، وتشرف الدولة على أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية تهدف إلى تقدمها وازدهارها والجميع يخضع فيها للقانون حكاما ومحكومين .
فهي ليست بمرجعيات دينية ورجال دين وعشائر ، ولا هي عبارة عن مؤسسات فاسدة مقسمة حزبياً ، أو مدارس وجامعات ينخر الجهل منها ثم نستيقظ لنكتشف نسب الأمية قد اقتربت من الـ50% ! .
والدولة ليست بقنوات فضائية دينية وبرامج تبث السموم الطائفية ، وجرائد محشوة بالمزايدات والكذب والنفاق ، وصفحات تواصل اجتماعي لتدمير كل ما هو محترم وشيطنة لكل مخالف بالرأي ، ولا هي أرتال جكسارات مظللة تحمل إمعات القوم تجوب الشوارع ليل نهار تستعرض لترهيبهم بدون أي احترام لنظم السير والقانون .
ففي الدولة لا يجوز انتهاك القوانين تحت أي مسمى واعتبار ، ولا وزير يعفى من جرائم فساد لأنه من حزب الدعوة ، او تابع لحزب الله ، في الدولة لا يفصل وزير بملفات فساد فيعود في الدورة التالية يصبح نائبا للرئيس ، او ارهابي يعفى فيصبح نائبا محصن من المسائلات القانونية .في الدولة لا يدخل عاري القدمين والضمير للوزارة يخرج منها مليونيراً ، ولا تباع وتشترى الوزارات في مقر رئيس الوزراء وتحت قبة البرلمان .
ولا يجتمع في أي دولة النزيه والفاسد والمجرم لإدارة الحكومة وتشريع القوانين ، وفي الدولة المحترمة لا يتعين الرئيس إلا بموافقة دولة جاره ، والدولة ليست بكثرة الدبابات والمدافع واعداد الجنود المقاتلين والفدائيين لقمع الشعب ، فالدولة يا قوم إحترام القانون من الحاكم والمحكوم ، فالناس وفي كل الظروف تذهب لصناديق الإنتخابات بحثا عن الدولة ، وتتظاهر وتعتصم بحثا عن الدولة وتثور بوجه الظلم بحثا عن الدولة .ولا وجود لمفهوم الدولة إلا بتطبيق سيف القانون البتار على الجميع بدون محسوبيات واستثناءات وتوازنات ومجاملات .فمن يعيد لنا هيبة الدولة ؟! .
عذراً التعليقات مغلقة