عدنان أبوزيد
يعتقد البعض انّ محاربة العادات والأعراف الاجتماعية النقلية، والإرث القيمي، هو تحرّر ثقافي واجتماعي، فيهاجم
الأفراد الفطريين في معتقداتهم، وإيمانهم.
النقيض من ذلك، انّ الأصوليين الاجتماعيين والعقائديين، يسفّهون اية محاولة للانفتاح الثقافي، ويقفون ضد تجريب معرفات جديدة، ويعتبرون التلاقح معها، تحلّلا.
وفي حين لا يعني الانعتاق، تسفيه الواقع، واتّهام المحافظين الاجتماعيين والعقائديين بالرجعية، فان الاصرار على الثقافات الداخلية، لا يعني اعتبار كل استيراد ثقافي او اجتماعي، مؤامرة.
ولانّ نشر الرأي، أصبح من دون رقابة صارمة عبر الاعلام والتواصل الاجتماعي، ومجموعات التراسل الفوري، فقد أصبح تسفيه عقائد الناس، وأيديولوجياتهم، شائعا، واستفحلت التهجمية والسلوكيات الاستعلائية الموجّهة من قبل الثقافة القوية الى الواهنة.
الأكثر اثارة، انّ مبادئ احترام معتقد وثقافة الآخر، كنظريات ومفاهيم، تعج بها كل أنواع العقائد الدينية والسياسية،
لكنها من دون تطبيق، حيث الكراهية هي المسيطرة، واحتقار ثقافة الآخر، هي الحافلة، بل أصبح احترام معتقدات الآخرين ودعوات التعايش، يصنّف على انه قصور، وتراجع.
أكثر من ذلك، فان المنفتحين الذين يسفّهون العادات والتقاليد الفطرية، التي يمارسها أبناء المجتمع، يتهمونها بانها هي السبب في التخلف، وعدم اللحاق بموكب الحضارة، فيما المحافظون المتزمتون يتهمون التفاعليين مع الثقافات الأخرى، لاسيما الغربية منها، بانهم اصل البلاء، وذهاب النعمة، وافساد الناس، وفقدان الهوية.
دول متقدمة غزت الفضاء، وبنت المصانع، ووظّفت تطبيقات العلم في بناء المجتمعات، ومنها الهند، لا زال الجزء الأكبر من شعبها يقدّس البقرة، وهي التي نجحت في خلال عقود قليلة، من التحول من مستعمرة فقيرة الى دولة متقدمة.
روسيا تعتبر التراث التاريخي بعاداته وتقاليده الاجتماعية ومهرجاناته الدينية، وتنوعه العقائدي بحسب القانون الصادر العام 1997، كنزا معرفيا وتاريخيا يجب عدم التفريط او الاستهانة به. في الوقت ذاته، فان التيارات الداعية الى الاندماج في العولمة والحضارة الغربية، لا تُتّهم بانها تسعى الى مسخ الهوية الثقافية الروسية.
في أمريكا لم يسفّه احد رالف درولينجر وهو وزير متدين أمريكي، اعتبر أزمة فيروس كورونا غضبا الهيا وهو عقاب الى الأمريكيين الشاذين أخلاقيا، فيما قسّ فلوريدا المحافظ ريك وايلز اعتبره عقابا من الله لمعارضي المسيح.
شعب يوهنانين في جزيرة تانا في المحيط الهادئ يعبد دوق أدنبرة، الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث الثانية، ونال هذا الاعتقاد، احترام الحكومة البريطانية، لانه يعبّر عن ثقافة القبائل في هذه المستعمرة البريطانية.
لازالت استراليا، متفتحة على العبادة الوثنية لسكان البلاد الأصليين، الذين يظنون أنهم ينحدرون من مخلوقات أتت من عوالم أخرى.
وعلى الرغم من اعتقاد الفيلسوف الهولندي بول كليتور ان “الثقافة الغربية” هي الأفضل في العالم بدليل قوتها على
جذب الثقافات الأخرى للعيش تحت ضلالها، فضلا عن إنجازاتها في العلم والمجتمع، فان التسامح يبقى مصدر قوتها.
ولا يهم فيما إذا جميع “الثقافات” متساوية النفوذ ام لا، لكن المهم انها تتحاور فيما بينها في البيئة الصحية التي تضمن الفوز والبقاء للأقوى، وهذا يفسر عدم خوف الكثير من المفكرين الغربيين، من اضمحلال الثقافة الغربية.
رئيس الوزراء اليميني الإيطالي سيلفيو برلسكوني، الذي قال: “يجب أن نكون على دراية بتفوق حضارتنا، نظام قائم على الرفاه، واحترام حقوق، وهو أمر ليس لديك في الدول الإسلامية”، الا ان ذلك لم ينعكس على سياسة الدولة الإيطالية تجاه المهاجرين والغرباء الذين ينالون، من الحقوق والامتيازات، أكثر مما كانوا يحفلون به، في البلدان الأم.
إحلال الثقافة المتعددة، بدلا من الأحادية يؤدي بالضرورة الى خطاب عقلاني يتعامل بإنصاف مع الحقوق الاجتماعية الأساسية لكل فرد مهما كان معتقده غريبا.
جبارعبدالزهرةالعبودي من العراق منذ 4 سنوات
لقد اكد النبي محمد (ص) على ضرورة التلاقي والتلاقح الثقافي والمعرفي والقيمي بين جميع شعوب الارض واممها بنظرة ثقافية واسعة وبنظرة علمية عميقة وشاملة لكافة انواع المعارف والعلوم والارث الثقافي والمعرفي لكل امم الارض شعوبها مبتعدا عن النظرة المتزمتة الانغلاقية للاجتماعيين المحافظين والمتمسكين بالرجعية المتخشبة والنظرة الاصولية الانعزاليىة للعقائديين بما تحمل من رؤى ضيقة منغلقة على التراث ومتقوقعة على الذات0
وقد تجلت دعوة النبي العامة لحث الانسان على طلب العلم والمعرفة من مختلف المشارب الانسانية بما تحمل من نظرة واسعة ويد طويلة لتلقي كل ما يخص العادات والتقاليد الاجتماعية والارث الثقافي لكل امة وكل شعب من اجل التواصل مع الاخرين وبناء حياة كريمة للانسانية وذلك بقوله (ص) في ما يخص الزمن ومدى عمر الانسان فيه قال 🙁 اطلب العلم من المهد الى اللحد ) وفي ما يخص شد الرحال والسفر والسعي نحو طلب العلم من الاماكن حتى ولو كانت بعيدة قال(ص):- (اطلب العلم ولو كان في الصين ) فرسول الله (ص) في هذين الحديثين يدعو الانسان الى ان يكون وعاءا للعلم والمعرفة وان لا يثنيه امر او يفت في عزيمته شيء ولا يفسد رغبته تعب او نصب من اجل التزود بالعلوم والمعارف ومواصلة طلبها والاستمرار في طلب العلم والمعرفة طوال حياته وان يقصد الاماكن التي يتوفر فيها العلم الغزير حتى ولو كانت بعيدة عن موطنه مثل الصين وذلك من اجل التواصل مع جميع اهل الارض لان الانسان اجتماعي بطبعه ومتطلبات حياته تستدعي منه الالتقاء مع الاخرين من اجل تطويرها وبناء علاقات طيبة معهم لياخذ منهم ما عندهم من الجديد والنافع له ولابناء جلدته ويعطيهم ما عنده من هذه الامور والاشياء وبذلك تتطور الحياة الانسانية وتزدهر ويصبح مستقبل الاجيال الانسانية القادمة مشرقا ومليئا بالخير والسعادة والرفاهية الا سحقا للانغلاقية والرجعية والتقوقع المقيت