ديوان خسوف جزئي، (هايكو عربي)
للشاعرة السُّوريّة ميديا شيخة
صبري يوسف
صدر للشاعرة السُّوريّة ،الكرديّة ، ميديا شيخة ديوان جديد بعنوان خسوف جزئي (هايكو عربي)، عن دار نشر ومطبعة MGبالحسكة، تضمَّنَ الدّيوانُ أكثر من مئة مقطع شعري، (هايكو عربي)، عنونت مقاطع الدّيوان بعناوين كانت عبارة عن ترميزات لفكرةٍ ما تقصدها وتموجُ في ذهنها، وليس بالضُّرورة أن تأتي ترميزاتها متطابقة لمعنى ومضمون المقاطع حرفيّاً، ومن المحتمل أن تكون انعكاساً لما جاء بين السُّطور.
استخدمت الشّاعرة لغةَ التَّكثيف والاختزال في بناء الجملة، وهذا ما يتطلَّبه أسلوب الهايكو، أو المقاطع الشّعريّة، وكانت لغتها سهلة، واضحة ومعبِّرة عمَّا تريد إيصاله إلى القارئ، كما أنّها صاغت العديد من الصُّور الشِّعريّة الجميلة في مقاطع الدّيوان، ولم تقع في فخِّ التّكرار، وقد تطرَّقت إلى العديد من الأفكار والمواضيع وأدرجتها في فضاءات مقاطع الدِّيوان، محاولةً أن تقدِّم وجهات نظرها بسلاسة دون استخدام الرّموز الغامضة والمبهمة كي تصل أفكارها إلى المتلقِّي بسهولة ويسر، وقد نجحتْ في كتابة هذا الدِّيوان كتجربة أولى، آملاً أن تستمرَّ في تقديمِ تجارب أخرى لما لديها من خصوصيّة جميلة في بنائها الفنّي.
كانت الشّاعرة تنتقلُ في بعض مقاطع الدِّيوان من فكرة إلى أخرى عبر المقطع القصير الَّذي تنسجه، فهذا الانتقال ممكن استخدامه في النُّصوص الشِّعريّة الطَّويلة نسبيّاً، بينما في المقاطع الشِّعريّة وما أطلقت عليه (هايكو عربي)، يستحسن أن تركّزَ على فكرة واحدة تتضمّن هذه السّطور القليلة، ولكن الشّاعرة استخدمت هذا الانتقال كي تأتي الفكرة والصُّورة أكثر رحابةً ومدىً في تقديم رؤاها في سياق أقل الكلمات كي تعبِّر عمّا يجول في خيالها من ومضات شعريّة خاطفة، وقد عبَّرت عن جموحات رؤاها خير تعبير.
ديوان خسوف جزئي للشاعرة ميديا شيخة تجربة في كتابة (الهايكو العربي)، وهذا الأسلوب في كتابة الشّعر سائد في اليابان، وانتقل عبر التَّرجمة إلى العالم العربي، وهناك تجربة في المغرب بدأها بعض الشُّعراء المغاربة وكذلك في سوريا كتب بعض الشُّعراء دواوين شعرية بأسلوب الهايكو، ولكل شاعر أسلوبه الخاص به، يعكسُ فضاءَه كتجربة شعريّة، وهذا الأسلوب في كتابة الشِّعر قريب من الومضة الشّعريّة والشّذرة، والمقاطع الشّعريّة المكثّفة، وقد كتبتْ ميديا شيخة ديوانها بأسلوب مماثل للهايكو بأسلوب (الهايكو العربي)، وقد تميّز أسلوبها بالسَّلاسة والعذوبة، بلغةٍ زاخرة بصورٍ جميلة ومحتبكة بترميزات معبِّرة ورصينة!
ومن أجواءِ الدِّيوان أقتطفُ هذه المقاطع:
دمعةُ ماس
مرتبةُ حزني محرقةٌ
صهيلُ الرّعدِ
إيذانٌ بموتِ الأنهارِ
؟!!
كيفَ
تقرأُ روحي
وأنتَ أعمى ؟!!
يقين
إصرارُ
ذاكرةٍ حالمةٍ
وهجٌ سريالي
وطن
من الغيبِ إلى الغيبِ
وطنٌ
من أيائلِ الجبالِ
حدس
الوقتُ
الَّذي أقفُ خلفَهُ
يتسرَّبُ منهُ ضوءُ الحبِّ
خطيئة
بإبرةٍ حمقاءَ
تُحفَرُ دهاليزُ الذَّاكرةِ
الكونُ أعمى
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
عذراً التعليقات مغلقة