سامي مهدي
…لم تُروَ قصصٌ وحكايات حول نيل أحد الفائزين بجائزة نوبل للآداب مثل تلك التي رويت حول فوز نجيب محفوظ بهذه الجائزة . فقد قيل إن أنور السادات كان لا يريد ترشيح محفوظ لها ، وكان يفضل توفيق الحكيم عليه . وقيل إن حسني مبارك كان يفضل عبد الرحمن الشرقاوي .
وقيل أيضاً إن القاص يوسف إدريس كان يسعى لنفسه بالجائزة ويتصل بهذا وذاك على حساب محفوظ .
وثمة قصص أخرى تروى حول كل ما قيل ، فيها شيء من الصدق وشيء من الإدعاء والمبالغة والكذب .ولكن من أشنع ما قيل في هذا المجال القصص والأحاديث عن دور إسرائيل وساستها وأتباعهم من المستشرقين اليهود في فوز محفوظ بالجائزة . فقد قيل إن الحكومة الإسرائيلية لعبت دوراً حاسماً في ذلك ، مكافأة لمحفوظ على موقفه الباطني الملتبس من القضية الفلسطينية ، ومن الحروب العربية – الإسرائيلية ، وما ينطوي عليه هذا الموقف من نزوع سلبي ومعارضة .
ويؤكد مريدو محفوظ والمقربون منه من الأدباء المصريين أنه كان مؤمناً بأن ساسة إسرائيل هم وراء فوزه بالجائزة دون أدنى شعور بالحرج من جانبه .
وقد ظل يقول لمن حوله : إن مناحيم بيغن ، رئيس حكومة إسرائيل في حينه ، كان أول من هنأه هاتفياً بفوزه وألمح إليه بدور إسرائيل في هذا الفوز ، وشاركه في التهنئة شمعون بيريز زعيم المعارضة الإسرائلية . ويقول محفوظ إن هذين هنآه هاتفياً قبل أن يهنئه حسني مبارك ، و هما فعلا ذلك قبل دقائق من إعلان الفوز في ستوكهولم ! وقد ظل محفوظ مقتنعاً بذلك قناعة راسخة حتى وفاته ، بل هو منع مريديه من الكتابة بما يخالف هذه القناعة ، ومات وهو يشعر أنه مدين لساسة إسرائيل بهذا الفوز !ربما تكون هذه القصة قديمة ، ولكن ما أعادني إليها كتاب حديث عثرت عليه عام 2019 في مكتبة مدبولي في القاهرة عنوانه ( قصة نوبل نجيب محفوظ ، يرويها د. عطية عامر ) .
وقد ظهر على الغلاف عنوان آخر بارز بقول ( وثائق تنشر لأول مرة ) . والكتاب ( تحقيق وتوثيق : د. وحيد موافي ) .وقد أثارت هذه العنوانات فضولي فعمدت إلى اقتناء الكتاب دون تردد ، رغم غلبة نبرة صحافة الإثارة عليها . وحين قرأته وجدت مؤلفه ( وحيد موافي ) يروي فيه جانباً من سيرة أكاديمي مصري يدعى عطية عامر ، مختص يالأدب المقارن ،
ولكنه في الواقع أكاديمي مغمور ، إذ ليس له مؤلفات مهمة يعرف بها ، كمحمد غنيمي هلال مثلاً ، ولا إنجازات علمية واضحة على صعيد الفكر والأدب ، وأهم ما حققه أنه أصبح أستاذ اللغة العربية في جامعة ستوكهولم في السويد ، وأهم الإنجازات التي ينسبها إليه الكتاب : ترشيحه نجيب محفوظ لجائزة نوبل ، وإصراره على أن الفضل في فوز محفوظ بالجائزة يعود إليه شخصياً ، إليه وحده ، وليس إلى أية جهة أو شخصية أخرى .
وهذا الترشيح معزز بصور ووثائق لا شك فيها وهي منشورة في الكتاب .
ويبدو أن المأثرة الأدبية الوحيدة في حياة الدكتور عطية عامر هي ( تأييد ترشيح ) محفوظ لنيل جائزة نوبل ، ولذلك حرص على توثيقها وتجنيد من يقوم له بهذه المهمة . ولكن من الواضح أن الدكتور عامر هو أحد الذين استشارتهم لجنة نوبل في موضوع محفوظ ، وليس الشخص الوحيد الذي رشحه لنيل الجائزة وكان السبب في فوزه .
فقد عرف أن البروفسور أفيهاي شيفتيل ( وهو إسرائيلي / بريطاني ) من جامعة ليدز كان ممن رشحوه لنيل الجائزة ، وكذلك المستعرب الفرنسي أندريه ميكيل ، وكلاهما أنبأ محفوظ بترشيحه خلافاً للأصول ( ؟! ) وكلاهما تلقى من محفوظ رسالة شكر على ذلك ( ؟! ) .ترى أين أصبحت إنجازات محفوظ الأدبية واستحقاقاتها من كل ذلك ؟!لقد غلبت السياسة على كل شيء ، ورضخ محفوظ أخيراً للسياسة التي ظل يتهرب منها طوال حياته .
فيسبوك
عذراً التعليقات مغلقة