محمد شاكر
شاعر من المغرب
أَحْلُم بِسيرَةٍ شِعْريّة
خالِصَة لِوَجْه كَيْنونَة
تَحْفَظ عِطْري إِلى ما بَعْد هَذِه الْحَياة .
أَسُدُّ بِها فَراغاتٍ تَخَلَّقتْ مِن بَياضِ الْعُبور.
اَلْعُبور الَّذي أَمْسى في مَهَبِّ الرِّيح
تَتَقاذفُه الْجِهات.
اَلْجِهات التِّي تَوَزَّع حُلْمي عَلى أَفْيائِها
وَما أَفْتاني فيهِ الْكَلامُ.
كَما لوْ أنَّهُ مَحْض أَضْغاثٍ
يَحارُ فيها التَّأْويلُ.
التَّأْويلُ الَّذي ارْتَقيْتُ هَاماتِه
راجِلاً
آجِلاً
وَعاجِلاً
وَهَويتُ لِسَفْح اللاَّمعْنى
كَأيِّ حَصاة دَحْرَجتْها الْخَيْبات..
إِلى أَسْفَل الصَّمَم.
الْلاَّمعْنى الَّذي أُنازِلُه الآنَ
يَتقمَّصُ شكْلَ الظِّل
وَحَفيف طَواحينِ الْهَواء.
لا أَقْدرُ عَلى هَزْمِه
في خِيّانَة الْمَعْنى
وَكُهولَة الْحَرْف.
أَنا الَّذي لمْ أَحْيَ بِتَفاصيلَ راقِصَة
وَلا مَشيتُ عَلى خَيْط رَفيع ٍ
يَحْفظُ اتِّزاني بيْن أَرْض وَسَماء.
كمْ مِنْ تَهافُت خُطىً أَخْتَصِر
لِأَبْقى عَلى إِيقاعِ الرُّوح
في أَدْغال النَّص الْكَثيفَة
أَنْجو مِن تَشْويش الْخَشْخَشات.
وَلا أَخْدِش حَياءَ الْمَعْنى
حينَ تُغْويه الإِسْتِعاراتُ…؟
مَنْ يَعْصِم صُمودَ الْمَبْنى
حينَ لا يَمْشي سَوِيًّا
في تَعَقُّب طيْشِ الْكَلمات..؟
مَنْ يُمْسِك بي في انْخِطافِ السَّرْد..؟
اَلّذين سَبَقوني إِلى النَّثْر
كَمْ خاضوا فِي لُجِّ التَّفاصيلِ
وَانْداحَتْ بِهمُ السِّيرِةُ
عَلى ضفَّةِ انْتِظار الشِّعْر
زَبَدًا يَشْرَبُه الرَّمْلُ.
والَّذينَ يَمْسَحونِ أثَرَ الْكَدَمات
مِنْ عَلى وَرَق الْمَحَطّات
لِيَحْفَظوا لِلْحِكاية بِشْرةً بَيْضاء
تُرْضي شَهْوةَ الْمَرايا
فَشلوا في التَّرْميم ..
وَالَّذين اسْتَعاروا أَلْوانَ الطَّيْفِ
في عِزِّ الصَّيْفِ
وَفُرْشاة عَصْر تَليدْ
كانَ لَهُم الشُّحوبُ عَلى سُحْنَة اللَّوحات
واسْتَغْرقَهُم التَّجْريدْ
حَدّ التِّيه ِ
وَالْمَنْفى.
وَالِّذين لا أَدْري كيْف جاؤوا خِفافًا
إِلى شَهْد الْمَعْنى
بِلا سَنَدْ
فَرّوا سِراعًا
مِن وَخْزِ الْكَلام الْمُرِّ
وَطنين الْحَرفِ
بِلا عَسَل وَلا زادْ.
وَأنا مَا زِلتُ أَحْلُم بِسيرَة شِعْريَّة
خالِصَة لِوَجْه الْبَوْح..
لا تَمْشي بِخُيَلاء الْعُمْر
وَزَهْو ريشٍ
وَجَناحٍ مَهيضٍ
يَحْسبُ أنَّه يَرْقى السَّمَواتِ الْعُلا
وَهْو لا يَبْرحُ الْحَضيضْ..؟
كُلُّ ما كَتَبْتُه مَحاني
وَعَبَّأ الرِّماد
في رُخامَة الْوَرَق الْبَليد.
وَربِّما لا يُخَبِّىءُ دِفْءَ جَمْر ٍ
أَنْفُخ فيهِ
جَذْوةَ اشْتِعالٍ جَديد.
شتنبر 2020
محمد شاكر
المغرب
عذراً التعليقات مغلقة