محمد شاكر
شاعر من المغرب
محض اشتهاء…
كَأنَّها لا تَزالُ واقِفَة أمامَ بابِها الْمُوارَب
كَما في عُنْفُوان طُفولَتها الأولى
عَلى أُهْبَة التَّبَرعُم
تُضيءُ ابْتِسامتُها عَتْمةَ روحٍ
أَخْلَفتْ نَهارَ حُلْمِها
عَلى مَشارفِ ليْلٍ هاجِم
حينَ عَبرْتُ الزُّقاقَ صُدْفة
أَتعَقَّب أَحْوالَ وهْمي الشَّريد.
بِرغائِب شَتّى
تُدْرِكُها الْعَيْنُ
وَلا تَحوشُها يَدي الْمَعْروقة الأَصابِع.
خَشىيتُ أنْ يَغْرُبَ الطَّيْفُ
قَبْل أنْ يَرْسُمَه الْحَرْفُ
عَلى وَرَق الْمَساء
مُتَأهِّب الْبَهاءْ
وَليْس لي مِنْ شاهِد.
وَلا أَرى سِوى خَشبٍ تَهرَّأَ
وَحديدٍ عَلاه صَدَأ النِّسْيان.
اِسْتَجرتُ بِتَفاصيل لا يَعْرفُها سِوايْ
أَخْرجْتُها مِن مِزْوَدَة السَّريرَة
قَبْل أنْ يَضْبِطَني الْوَقتُ
في ارْتِدادي السَّريع
فَيَرْتَبك الْعُبور
وَيَهْزمَني الزّوال.
اسْتَشرْتُ قَلبي بيْنَ نَبْض وَنَبْض
لِيَكون للْخَطْو سَدادُه.
في اجْتِراح مَسافاتِ الْخَيال ِ
وَسْط خَرابٍ عَميم
يَكادُ يطْمِسُ ابْتِسامَتِها
في ضَجيجِ حاضِرٍ رَجيم
يَمْسَح ما تَخَلَّف
مِن مَعالِم حَيٍّ قَديم.
يُطوِّح بي إِلى ما قَبْل الْعُبور
وَأنا أَخْشى عَلى بارِقَة الأَمَل
تَطْلع مِن خَرابِ أيّامي
زَهْرَة ضَوْءٍ تَنْطَفي
عِنْد ناصِيّة الدَّرْب
كَأيِّ قِنْديل ٍ
جَفَّ زيْتُ فَتيلِه في الْهَزيع الأَخير
مِنْ فُسْحَة الْحُبور
وأَغْرقَه ليْلُ الأَزْمِنة.
ربَّما، كانَ محْضُ اشْتِهاء
قَبْل أنْ يَرْتدَّ إِليَّ يَقيني
في اللاِّمَكان الضَّنين
حيْث لا شِيْء يَدُلُّ عِليْنا
لا صَرير بابٍ بِسِرٍّ حَبيب
وَلا وَقْع خُطى الْغَريب
تُفْزِع ما تَبقّى مِن طُمَأْنينة أَحْلامِنا
أكتوبر 2020
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق. ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة