نَجاوى هَشيمَة
الطاهر لكنيزي
شاعر من المغرب
أَيُّها الْأَمْسُ الَّذي اسْتَوْطَنَني
عِزّاً وَبِزّاً
حَلَحَلَ الأَحْزانَ
في كَرْمَةِ لَيْلٍ هالِكٍ
حَتّى تَضاغَتْ في انْكِسارٍ
كَأَنينِ الْقَوْسِ في حِضْنِ الرَّباب
***
يا غَريماً
يَرْكُسُ الأَفْراحَ وَالأَتْراحَ
في نَصٍّ خِلاسِيٍّ عَقيمٍ !
لِمَ حَمَّلْتَ غَدي
إِصْرَ سِنينٍ ماجِناتٍ
خَلَعَتْ أَحْلامَها قَبْلَ الرَّحيل؟
***
كُلَّما وارَيْتُ في جَبّأنَةِ السُّلْوانِ
حُزْنا نافِقاً
أَحْيَيْتَ شُجوناً مورِقاتٍ
في بَساتينِ الْحَنين
وَوَدَعْتَ الْقَلْبَ مَشْنوقاً
بِحُزْنٍ خاثِرٍ
وَالرّوحَ فَوْضى
***
اِسْتَطَبْتَ الْوَكْرَ
لَمّا فَرَّخَتْ في خاطِري
أَطْيافُكَ الرَّقْطاءُ
حَتّى فَقَأَتْ عَيْنَ خَيالي
***
خارِجاً مِنْكَ كَديكٍ
تَرَكَ الرّيشَ جَريحاً
بِفَمِ السِّكّينَةِ الحَدْباءِ
مُدْمى
أَتَهَجّى حِكَمَ الْأَسْلافِ
في حاشِيَةِ الْأَمْثالِ
مِنْ غَيْرِ اهْتِمام
***
داخِلاً فيكَ كَطِفْلٍ
لَمْ يُلَقِّنْهُ عِنادُ الدَّهْرِ
تَدْجينَ الْمآسي
وَمَتى يَسْتَخْلِصُ الزُّبْدَةَ
مِنْ دَرْسٍ مَخيض
***
لَمْ تُهادِنّي
لأَسْتَرْجِعَ إحْساسي بِإِفْلاسي
أَرُمَّ الشَّرْخَ في وَقْتي الصَّديع
***
كَيْفَ أَطْوي صَفْحَةً بَيْضاءَ
والْحَرْفُ نِياطٌ دامِعٌ
والْجُرْحُ فُتْقُ شاسِعٌ
لا خَيْطَ حُلْمٍ مُبْرَمٍ يَرْتُقُهُ
وَالْعَقْلُ مُهْرٌ جافِلٌ
وَالحَيْرَةُ الدَّهْماءُ إذْ تَرْكَبُهُ
يَرْتادُ واحاتِ السَّراب؟
***
يا وَصيفَ المَحْوِ
في عُرْسِ الغِياب
ظَلَّ فَهْمي فيكَ ضالاًّ فَهَمى
مِنْ سَقَطِ الْيَوْمِ الْمُعَنّى
مِثْلُ شَمْسٍ بِخَريفٍ مُدْنَفِ
يَأْبى الأُفول
وُخُطايَ ارْتَبَكَتْ
فَانْتَعَلَتْ حافِرَ وَهْمٍ
في فَيافي الشَّكِّ أَعْشى
***
حينَ أَغْفو مِثْلَ راعٍ
نَفَقَتْ أَحْلامُهُ ذاتَ رَبيعٍ
يَسْكُبُ الْأَحْزانَ مِنْ بُحَّةِ نايٍ
سارِقٍ دَمْعَ الْمَساء
يُنْبِتُ الْأَعْشابَ في وَهْمِ الْمَراعي
لِقَطيعٍ خانِعِ
يَحْلُمُ بِالْجَنَّةِ
مُخْضَوْضَرَةً عَبْرَ الْفُصول
تَنْسَلُّ كَالْجاثومِ
مِنْ جَوْفِ وِسادي
نافِخًا في جَذْوَةِ الْماضي الَّتي
أضْحَتْ رَماداً
لِتَشُبَّ الْأَرَقَ الْحارِقَ في غابِ الْكَرى.
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة