قارب سميحة وشهية المرجان .. رشيد سكري

قارب سميحة وشهية المرجان .. رشيد سكري

آخر تحديث : الأحد 17 يناير 2021 - 4:52 مساءً

نص

                                       قاربُ سَميحة 

                                                                            رشيد سكري

Screenshot 2021 01 17 at 15.49.18 - قريش
رشيد سكري

كاتب من المغرب

     استيقظتْ أمي فاما عادة ، على صفير النوارس ، وهي تجوب بمناقيرها الحادة ، ضفاف نهر أبي رقراق . صرير بابها المتهالك كشف عمَّا بداخل البيت القصديري من أوان متهالكة ، وبقايا بشر ملفوفين في دثار أسود وأحمر . لم يكن الوادي ، الذي يقسم مدينة الرباط إلى عدوتين ، ممرا للسياح والعابرين فقط ، وإنما كان معبرا لذاكرتها الموشومة ، أيضا ، بالألم والأمل . 

صراخ صبية يأتيها بعيدا ، يتبعون سيول الوادي بين صواعده و هوابطه  ، وعند كل منعطف يرتفع الجذب ، ويشتد معه هرْج و مرْج .

 يتصايحون . يلعبون  : 

ـ ها ! نحن قد أمسكنا ب ” حنكليس “

لا ! لا !

قد ابتلعه المرجان ، حاول مجددا 

هنا … تصعد بعض الفقاعات … لا حظ … لا تحيد عنه ناظريك . 

وقفت أمي فاما على حافة الوادي ، وهي تتأمل قارب ” سميحة ” ، وهو طاف فوق المياه ، خال من زبناء يعبرون الوادي إلى الضفة الأخرى . تتذكر الحركة الدؤوب العابرة في فصل الصيف ، وعندما يغيب القرص الأحمر في مجاهل البحر ، حيث يغدو المكان قبلة لسياح يعشقون جمع الصور . 

تتذكر أمي فاما كيف بدأووا  يزحفون على  ما تبقى من ضفاف ، بمتاريسَ إسمنتية تأكل أحياء بكاملها ، وتشرب البلاد والعباد . في غضون ثلاث ليال ، كانت أمي فاما تقلب وجعا مدفونا في جزء من ذاكرتها ؛ لزوج طريح الفراش . رمت في جوف الليل ، جنب الوادي ، خمس جمرات علها تعينها على قضاء حاجتها . وتنهض الوعول من سباتها ، مكتوية باللظى والشوق إلى العبور … هكذا ذهابا وإيابا على ضفاف أبي رقراق .

إلى جانب قارب سميحة ، في ليل بهيم ، حكت أمي فاما عن يخوت كبيرة كالأعلام استقر بها المقام ، فنصبوا متاريسَ  ، ولا قطات هوائية تدور ناشرة أدخنة تشق العنان … لم تعد الضفة كما كانت في سابق عهدها … ولم تعد الحياة كما ألفتها أمي فاما ؛ لأن الوعول لازالت تركض في البرية .  

النص خاص لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن                              

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com