بقلم: المراقب السياسي
ما يشغل ايران اليوم هو محاولة اقناع السعودية بالحوار المباشر بينهما في ملفات المنطقة الاساسية ومنها وجود القوات الامريكية وامن الخليج وسلامة مضيق هرمز وعدم التدخل بالشؤون الداخلية وحرب اليمن والمساهمة بدور في العراق وسوريا .
اتصالات ايرانية اجراها في الايام القليلة الاخيرة، مسؤولون في الخارجية والمخابرات الايرانية في عواصم خليجية من اجل الدفع بمشروع التطبيع الايراني السعودي كمعادل موضوعي للتطبيع الخليجي الاسرائيلي ، ولكي لا يحدث اي تصادم .
المسألة لم تعد سرا بعد ان اعلن وزير خارجية قطر الرغبة في دعوة دول الخليج للتحاور مع ايران ، وهي رغبة ايرانية في الاساس . مصادرنا في تركيا تفيد بأنّ الرئيس رجب طيب اردوغان يدعم الحوار الايراني السعودي ، وانه اقترح ان تجري جولة للحوار في اسطنبول .
اطراف عراقية تحاول تقديم نفسها كوسيط، لكن مشكلتها انها مقبولة لدى ايران، وغير مرحب بها في الاروقة السعودية العميقة .
احد المقترحات يقضي باجتماع تحتضنه بغداد على مستوى عال تمهيدا للقاء قمة بين الامير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي مع احد رموز ايران
التيار الشيعي الصدري اعلن رغبته في الدخول على خط الوساطات.
ثمة عروض تقدمها ايران تفيد بأنها ستدعم استقرار وامن المنطقة ، وهذه صيغة مبطنة لمعنى انها لن تحاول قلب نظام الحكم في السعودية مادامت على خط الحوار ،وان ايران ستلتزم بتعهداتها الامنية كما فعلت مع الامارات والكويت. وانها تركت ملف البحرين بوصفه تابعا للسعودية الى مرحلة التفاوض مع الرياض ، وفي حال انقطع خيط الامل في امكانية اللقاء الايراني السعودي ، فإن نظام الحكم البحريني سيكون في مهب الريح في اول خطوة ستقدم عليها ايران كإنذار اولي لما هو اكبر .
عواصم الخليج تبلغت بالتصورات الايرانية ، والكويت تسلمت الرسالة بوضوح وتحاول التفاهم مع الرياض ، كون قطرحديثة المصالحة مع السعودية وتستبعد ايران ان تكون قطر محل تأثير وثقة في مركز القرار السعودي في الوقت الراهن .
،في حال استمرار الرفض السعودي للحوار المباشر مع ايران، ستقوم ايران بقلب الموازين في حرب اليمن والوضع الامني الداخلي الخليجي ، فضلا عن عمليات غامضة لشل الثروات النفطية السعودية بالذات ، في حين سيستمر الوضع مع الامارات كونها مستجيبة للتصورات الايرانية.
السعودية لا تستطيع ان تقرر قرارا مصيرا في علاقتها مع ايران قبل اللقاء بين الامير محمد بن سلمان والرئيس الامريكي جو بايدن . وتلك مشكلة زمنية اخرى بسبب استبعاد الزيارة المباشرة في الايام القريبة المقبلة، لكن هناك معلومات في واشنطن ، تفيد ان وزير الخارجية الامريكي الجديد انتوني بلينكن سيزور الرياض في اولى مهماته في الشرق الاوسط .
رفض السعودية للمشروع الايراني واضح ظاهرياً ، لكن في العمق فإنّ السعودية اليوم دولة عملية، لا تخضع لايديولوجيا الثوابت التي حكمتها قرناً كاملاً ، وهي تدرك ثمن الرفض وثمن الموافقة ايضا ، وستقارن مقدار المكاسب والخسائر في الحالتين ، وستضع امامها مغزى الضربة ضد ارامكو التي كادت تحول السعودية في ساعة واحدة الى دولة غير نفطية ، لولا الخط الاحمر الذي لا تزال ايران تلتزم به خوفا من رد فعل امريكي غير محسوب بسبب نقص الطاقة المريع الذي من الممكن ان يحدث ، وليس لسبب آخر . .
عذراً التعليقات مغلقة