أرى عطر بلقيس يبكي
عزيز فهمي
شاعر من المغرب -كندا
بلقيس…
يا عطر الزمن المتعب بالنبوءات
نشيج الصدى بين أوصال الخيبات
في أوجاع أخبارنا
إننا صرنا وصايا
تُتلى على مهل وعلى عجل
لذا لا توقظي سرب الريح
لا تسكني مهبط النفس !
النوايا التي تحمِلها أسنة السيوف
تقيم على بقايانا صلاة غياب
في تقاسيم الألم..
الماء يشتكي في سبأ
ويشتكي المكان والزمان
من العطش
للمطر
يحفر النمل خندقا
بين ضلع آدم وجُبِّ يوسفَ
كي تمر قوافل البقر
تعلم النجاشي الاحتماء من الطير الأبابيل
من القمر إذا وقب
تعلمه كيف يُوزِّع الأنفال
بين شعاب مسيلمة وتلال “أنو شروان”
يا بلقيس!
يا أم الدهشة وسيدة الرفض!
لا حق لنا في ضحك الإبل
لا حق لنا في ثغاء الغنم
حين تغرب الشمس في المحيط
حين تشرق في عينيك
لذيذة لحوم الضِباب والجرابيع
فأدر الكأس أيها النواسي
كما تشاء
المناذرة يعشقونها اليوم مثل دمنا
ويعشقونها على جثثنا في الغد
تسر الناظرين
وتُطرِبُ أكثر
لأن الغساسنة كُلِّفوا
بتوزيع صكوك التيه على الغجر
توزيع أراضينا على الحواريين بلا ثمن
وأعلنوا إيمانهم بالرقص
في محافل الأمم
نضيع يا بلقيس
في بلاد الله
أسماء لا مسميات لها
فأي نبي يرد لمريم صمتها
يرد لنا بعضا من أثار خطونا
على تربتنا
حين تراق في هذا الصراخ
دماء العرب؟؟
لا ناصية تقود سنابكنا إلى سدرة الخلاص
فقَدْتَ ميلادك
أيها السؤال اليتيم في لغتي
حبرُ الرفض تائه في شوارعنا
يجني غضب الموتى
زغاريد البحر في فم الغرقى
لذا تذهب واثقةً ظلالُنا إلى الوغى
مدججة بالشك
وبرايات الندم
نَهزِم هياكلنا العظمية
نتوسد خرائطهم التي لا تدل إلا علينا
ضحايا نحن
مثل السمك في نهر تبخر غده
نعلن في الملإ
لا خُمس لنا ولا ثمن
لنا رب وحدنا
نعبده
كالديَكَة
كلما انبلجت منتشية أشعة الشمس
ونعبده
كالبوم حين تطل خجولة في الظلمة
عيون السماء
يا بلقيس!
أرى البحار تخاف من الزبد
أرى الجبال تُطأطِئ رؤوسها
كالنعام في السُّحب
وأراك في كل الأوطان
غائمة كوجه الزمن
يا بلقيس
لا خاتم ينجينا منا
لا أعراس تليق بذلك وذاك
وهذا البلد
فلا تهبي جدائلك لسليمان
ضفائرك للشيطان
لا تؤمني بالرمال
لا تثقي بأحد…
القصيدة خاصة لصحيفة قريش -ملحق ثقافات وآداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة