الطاهر لكنيزي
شاعر من المغرب
لَنِ يُشاكِسَ خَطواتي حَجرٌ
يَتأَبَّطُ وَعْتاءَ أسْفاري
أوِ يُعاتِبَني
يَتوَشَّحُ في حَضْرَتي قَمَرٌ
طالَما أَلْقمْتُهُ أَسْماكَ أَسْراي
وَفُتاتَ الصُّوَر..
لَنْ تُغافِلَني بَسْمَةٌ مُتَرَبِّصَةٌ
فَتَشِعُّ عَلى شَفَتيَّ شُموساً
كَفرْحَةِ طِفْلِ
إذا اعْشَوْشَبَ الدّفْءُ في مُقْلَتَيْهِ
وأَضْحى الْحُلْمُ فَيْء شَجَر..
لَنْ تُدَغْدِغَني ضَحْكَةٌ خَضْراءُ
مِثْلَ أنامِلِ وَهْمي
فَأَمْتَحُ قَهْقَهَةً مُتَرَنِّحَةً
مِنْ قَرارَةِ هَمّي
أَهرِقُها في نُفوسِ السُّذَّجِ مِثْلي
نَتَعاطى كُؤوسَ الْهَزْلِ
وَنَشْرَبُ نَخْبَ تَفاهَتِنا
حَتّى نَتَقَيّأَ مُرَّ الضَّجَر..
لَنْ أُجَرِّمَ نَفْسي
اُبَكِّتَ حِسّي
كما كُنْتُ بالأَمْسِ
لَوْ نَزَقَ الْفِكْرُ
أَوْ حَمْحَمَتْ خَيْلُهُ
وَتَقَرَّتْ شَذا نَزْوَةٍ
في غَياهِمِ شَكٍّ
تَبَرَّأَ مِنْ حِكَمٍ وَعِبَر..
لَنْ أُقَرِّعَ روحي
بِسَوْطِ النَّدامةِ اَجْلِدُها
مثْلَ سِكّيرٍ مُفْلِسٍ
عَضَّهُ دَنَفُ نابِحٌ
وَتَناوَشَهُ أَسَفٌ ذابِحٌ
كَيْ اُكَفِّرَ عَنْ ذَنْبي
وَأُكَدِّسَ حُزْنَ الْعالَمِ في قَلْبي
لَوْ خَفَّتْ مَوازينُهُ
كَقُلوبِ الْبَشَر..
لَنْ يَفْغَمَني عِطْرٌ سائِبٌ
أَوْ يَغْمُرَني ظِلٌّ هارِبٌ
أَتَقَفّى هَسيسَ الْعَبيرِ
لأَعْرِفَ لَوْنَ الْوَرْدَةِ
أَوْ أَسْرارَ الأُنَثى الّتي
دَلَقَتْ في عُبِّ الشارِعِ
وَشْوَشَةً كَهَميمِ السَّحَر..
قَدْ تُنْضِجُ جِلْدَ حِذائي الْوَحيدِ
بِسوقِ الْخُرْدَةِ
شَمْسُ الظَّهيرَةِ
أَوْ يَرْتَدي بُرْدَتي
شَحّاذٌ مُحْتَرِفٌ كَالصَّرّارِ
يُسْقى بِبابِ النَّمْلَةِ
أَوَّلَ لازِمَةٍ مِنْ نَشيدِ الْمَطر..
سَتُحَمْحِمُ في الدّولابِ فَساتينُ أَرْمَلَةٍ
ما زال الْعِقْدُ الرّابِعُ
يَرْعى قَطيعَ فَراشاتِهِ
في مَرابِعِ بَهْجَتِها
تًنْحَني تُعانِقُها
وَشَجا الْبَوْحِ والذِكْرَياتِ
والَقُبَلِ الّتي شَرَدَتْ ذاتَ شَوْقٍ
فَحَطَّتْ بِأَفْياءِ أَقْراطِها
لَمْ يَزَلْ يَتَضاغى بِأَذْيالِها
سَتَهُزُّ رِمالَ تَوَحُّدِها سافِياتٌ أُ خَر..
لَنْ يَمَسَّ جِنُّ الْقَريضِ قَصيدي
فَتَسْكُنُني عِلَّةٌ وَزِحافٌ
أَقُصُّ أَظافِرَ نَصٍّ قَصيرٍ
وَتُسْكِرُني نَشْوَةُ الانْتِصارِ
فَاَنْفُشُ ريشَ الزَّهْوِ
في فَرَحٍ طاووسِيٍّ لأُفاخِرَ نِدّاً
أُطَمْئِنُني أَنَّ لي قَدَماً في الشِّعْرِ
أَوْ قَدَماً في الأَرْضِ كَنَخْلَةِ جَدّي
لَكَمْ أَوْصاني أَنْ أَرْعى الْفَسائِلَ
لا أَنْ أَغيرَ عَلى الطَّلْعِ قَبْلَ الْقِطاف
أَيَذْكُرُهُ ظِلُّها الْمُنْتَشِر؟
لَنْ يَكونَ الطّوفانُ مِنْ بَعْدي
وَيَغيضَ العِطْرُ بِخَدِّ الْوَرْدِ
وَتَنْكُرُ أَفْوافٌ عُرْفَها
سَتَنوحُ الْكَمَنْجاتُ
تَسبِلُ لَحْناً دَفيقاً بِكَأْسِ السَّمَر..
لَنْ تَحِنَّ إِلى باحَتي
أَتَسَنَّمُ إيقاعَها
وَأُصالِحُ لَيْلى حينَ تَبينُ سُعادُ
وفي خاطِري هَمْسُها الْمُنْكَسِر..
لَنْ تَعْزِفَ حُزْني أَفانينُ صَفْصافَةٍ
دَبَّجْتُ عَلى صَدْرِها الْعاري
بِدَمي وَالْمِسْمارِ حَرْفَيِّ الْجَوى
وَنَثَرْتُ عَلى ظِلِّها الْمُتَجَرِّدِ
أَوَّلَ أَشْعاري
كَمُراهِقَةٍ يَتَهَجّى حُروفَ الْهَوى
نَبْضُها الْمُسْتَعِرّ..
لَنْ يَكونَ الطّوفانُ مِنْ بَعْدي
حينَ أُصْبِحُ مِلْحاً بِدَمْعِ الْقَصيدَةِ
أَوْ نُسْغاً في عُروقِ الشَّجَر.
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة