بغداد – بيروت- واشنطن – (قريش) :
تعمل وكالتان استخباريتان، على نحو اساس لصالح ايران في العراق ، الذي تعده الاجهزة الايرانية المكان المثالي، قليل الكلفة وسريع النتائج، في التجسس على نشاط الامريكان في المنطقة . والجهازان الايرانيان هما اطلاعات وزارة المخابرات واستخبارات فيلق القدس للحرس الثوري ، وهذا الجهازان يعتمدان على اذرع متنفذة من مليشيا بدر في وزارة الداخلية العراقية منذ عهد الوزير بيان جبر صولاغ والامن الوطني واستخبارات الحشد الشعبي لاسيما في فترة صعود نجم ابو مهدي المهندس، فضلا عن عناصر لأحزاب أخرى بعضها من الدعوة والمجلس الاعلى وحزب الفضيلة يغذون بالمعلومات الاجهزة الايرانية عن التحركات الامريكية وشخصيات عراقية محسوبة الولاء على الجانب الامريكي.
تقول مصادر عراقية مطلعة لمراسلة (قريش) في بيروت ان ايران نجحت بعد ازاحة الشهواني المدير الاسبق للمخابرات العراقية بتعيين عناصر موالية لها من خلال نفوذ نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية الاسبق في حينها عندما عمل على التغلغل في الجهاز عبر تعيينات لموالين له من كوادر حزب الدعوة، كانوا يلعبون الدور المزدوج، من دون ان تكون للمالكي سيطرة عليهم ايضاً، وخاصة في معاونية العمليات .
وبحسب المصدر المطلع وهو مساعد وزير أمني سابق طلب عدم الكشف عن اسمه ، فقد اكتشف الايرانيون متأخراً ان معظم عملاءهم في العراق كانوا مخترقين من قبل الاستخبارات الامريكية وجهاز المخابرات الاسرائيلي -الموساد- وهو ما جعلهم يتشككون في جميع المعلومات التي تصلهم بعد العام 2014 ، وان طهران استدعت زعماء مليشيات واحزاب شيعية كاشفتهم بحقيقة هواجسها. وان اكثر ما حيّر الايرانيين هو عدم وجود ادلة دامغة تدين الموالين لها بالعمالة لواشنطن ، خاصة انها سبق ان كلفتهم هي بالتقرب من الجانب الامريكي وضخ المعلومات المحسوبة له لكسب ثقته ، لكن بحسب المصدر العراقي عالي الاطلاع نفسه فإنّ حزب الله اللبناني نقل قناعة مغايرة عن قيادات شيعية عراقية الى طهران ، وذلك من خلال رصد الاختراقات الامريكية والاسرائيلية عبر الاراضي اللبنانية والسورية ، وابلغ الايرانيين بها .
ويضيف المصدر العراقي ان الاجهزة الايرانية تعيش صراعا مكتوما شديد الضراوة مع المخابرات السورية، وهناك اطراف في طهران تؤكد تعاون اجهزة امنية سورية مع الامريكان في تصفية الجنرال قاسم سليماني في العام الماضي بضربة امريكية قرب مطار بغداد الا ان المرشد الايراني الاعلى علي خامنئي رفض بشكل قاطع تعكير العلاقة مع دمشق مهما كانت المعلومات دقيقة بحوزة اجهزته .
وقال المصدر ان ايران باتت تركز في السنوات الاخيرة على جمع المعلومات من مصادرها في دولة الامارات والكويت قطر وتركيا .
فيما تتواصل التسريبات عن التقارير التابعة للاستخبارات الإيرانية في الكشف عن المزيد من التفاصيل
حول حقيقة توغل طهران في العراق وتجنيد جواسيس للكشف عن أسرار القوات الأميركية، وفقا لما نقله موقع “ذا إنترسبت”.
وفي عام 2019، نشر موقع “ذا إنترسبت” مع صحيفة نيويورك تايمز تسريبات من تقارير ميدانية لأنظمة الاستخبارات الإيرانية، كشفت مخططات طهران في العراق، ما بين عام 2013 وحتى 2015.
وفي التقرير الجديد، أزال الموقع الغطاء عن كواليس سعي النظام الإيراني لتوظيف جواسيس في العراق من أجل الوصول إلى معلومات استخباراتية عن الولايات المتحدة.
ونقل الموقع سلسلة محادثات لجاسوس يعمل لصالح إيران في العراق، أشارت إليه التقارير الميدانية برقم “3141153”، كان يقدم معلومات استخبارية لسنوات لطهران حول العمليات الأميركية في العراق.
وعندما سحبت الولايات المتحدة معظم قواتها وقلصت وجودها في العراق عام 2011، لم يعد لدى الجاسوس معلومات تثير إهتمام الإيرانيين “لذلك إنفصل الإيرانيون عن العراقي” وفقاً للموقع.
وذكر الموقع أنه، وبحلول عام 2015، كان لدى الرجل وظيفة جديدة في جهاز الأمن العراقي، بينما بقيت حاجته الملحة إلى المال، لذلك عاد وتقدم بطلب لاستعادة وظيفته القديمة كعميل مزدوج.
وخلال اجتماع سري، وجه ضابط المخابرات الإيرانية أن يراجع الجاسوس العراقي كل ما يعرفه وقد يكون ذا فائدة لإيران، ما كان يعني أن إيران مهتمة أيضا بتوظيفه مجدداً، وفقاً للتقرير.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت في العام ٢٠١٤ مضمون وثائق استخباراتية إيرانية مسربة تكشف مساعي إيران لتجنيد مخبرين عراقيين سابقين لدى وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) بعد الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011.
الوثائق -التي حصل عليها موقع ذي إنترسبت الأميركي، ونشرتها أيضا صحيفة نيويورك تايمز- تكشف كيف عملت إيران على تجنيد مسؤول في الخارجية الأميركية كان يمتلك معلومات استخبارية بشأن خطط واشنطن في العراق.
وقالت نيويورك تايمز إن “كثيرا من هذه البرقيات تصف مغامرات تجسس واقعية تبدو كصفحات انتزعت من رواية مثيرة عن الجاسوسية. ثمة اجتماعات تعقد في حارات مظلمة ومراكز تسوق أو تحت ستار رحلة صيد أو حفلة عيد ميلاد”.
وتابعت الصحيفة “يتجول مخبرون في مطار بغداد، ويلتقطون صورا لجنود أميركيين ويسجلون معلومات عن الرحلات العسكرية للتحالف”.
وذكرت الصحيفة أن هذا الأرشيف من الوثائق يتضمن حتى تقارير نفقات في العراق لضباط في وزارة المخابرات، إحداها أنفقت على هدايا لقائد كردي.
وتُظهر التسريبات كيف جندت إيران عملاء عراقيين كانوا يعملون لصالح الاستخبارات الأميركية في العراق، كما تشير إلى أن إيران استغلت الوضع المادي لهؤلاء العملاء الذين تُرِكوا من دون عمل أو مال، وكانوا مستعدين لإبلاغ إيران بكل ما لديهم من معلومات بشأن خطط الاستخبارات الأميركية في العراق.
وتكشف إحدى الوثائق -التي يعود تاريخها لعام 2014- عن عرض أحد هؤلاء المخبرين معلومات للبيع على الاستخبارات الإيرانية، تشمل المخابئ التي كانت تستخدمها الاستخبارات الأميركية في العراق والمخبرين الآخرين الذين يتعاونون معها.
كما تكشف الوثائق كيف تدخلت إيران في الشأن العراقي الداخلي، وطورت علاقات سرية مع مسؤولين عراقيين، فضلا عن الدور الذي قام به قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في العراق.
وكان هناك شيء واحد قاله العراقي جعل الضابط الإيراني ينتبه حقًا لملفه وهو إن لديه صديقًا كان مهتمًا أيضًا بالتجسس لصالح إيران، وكان الصديق يعمل مع الولايات المتحدة في قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا.
وبحسب إحدى البرقيات التي حصل عليها “ذا إنترسبت”، طلب الضابط الإيراني من العراقي مقابلة صديقه في رحلته القادمة إلى تركيا.
وقال العراقي للضابط الإيراني إن الأمن في قاعدة إنجرليك سيجعل من الصعب على صديقه التواصل مع الإيرانيين بإنتظام، كما أفاد العراقي: “بما أن القوات الأميركية تسيطر بشدة على العناصر العاملة داخل قاعدة إنجرليك الجوية، وأن مغادرة القاعدة والسفر حول المدن ستكون مشكلة”، وفقاً للتسريبات.
وأشار الموقع إلى أن صديق العراقي كان قد ذهب في غضون ذلك إلى الولايات المتحدة لحضور دورة تدريبية لمدة شهرين، وعندما عاد، كان يعمل في قاعدة الأسد الجوية في العراق.
لذلك قال العراقي لضابط في وزارة الداخلية: “في هذه المرحلة، سيكون من السهل إقامة اتصال معه”.
وكتب العراقي في تقريره أن “المراحل الأولية لملف تعاونه قد اكتملت، وهو مستعد لتلقي رمز التعاون” وأن العميل كان مستعدًا للخطوة التالية في تعيينه كجاسوس، “بناءً على توجيهات المدير العام 364”.
والبرقيات المسربة التي حصل عليها موقع “ذا إنترسبت” تظهر أن عمليات المخابرات الإيرانية تتم عادة في جميع أنحاء العراق، وأن أحد أسباب نجاحها قد يكون أن ضباط الاستخبارات الإيرانية العاملين في العراق يستخدمون أسلوبًا تقليديًا لتجنب اكتشافهم أثناء مقابلة مصادرهم.
ووفقا للموقع فإن تقارير الاستخبارات تؤكد أن الإيرانيين يعتمدون على أساليب قديمة نسبيا لتجاوز المراقبة الأميركية، بحيث تركز عناصرهم الاستخباراتية على “العمل الشاق عوضا عن اللجوء إلى التقنيات الحديثة”.
وكتب أحد ضباط وزارة الداخلية الإيرانية في تقريره عن اجتماعه مع مخبر عراقي، قائلاً: “غادرتُ القاعدة سيرًا على الأقدام قبل عقد الاجتماع بساعة، وبعد عشرين دقيقة مشيًا على الأقدام وإجراء الفحوصات اللازمة، استقلت سيارتي أجرة عبر الشوارع المجاورة إلى موقع الاجتماع، ثم مرة أخرى، انطلقت سيرًا على الأقدام لمدة عشر دقائق، وعدت إلى الموقع، وبعد الاجتماع استقلت سيارتي أجرة مرة أخرى وعدت إلى القاعدة”.
وكتب آخر ينتمي كذلك لوزارة الداخلية في تقرير عن اجتماع آخر مع مصدر في أربيل بإقليم كردستان “بعد مغادرة مكان الإقامة والتنزه، ركبتُ السيارة وتوجهتُ إلى السوق”.
ثم تابع “أثناء القيادة لمسافة، عدت إلى الموقع المرغوب، ركبت سيارة المصدر بالقرب من السوق وذهبت لمسافة أبعد من المكان”.
وأضاف “اجتمعنا في إحدى ضواحي المدينة داخل السيارة، ثم نزلنا من السيارة، كان سلوك المصدر وحالته طبيعيين، أراد زيادة أجره، بسبب الصعوبات المالية التي يواجهها ومرض والديه”.
ولفت تقرير “ذا إنترسبت” إلى أن الإيرانيين “مبدعون” أيضًا في كيفية الاستفادة من المؤسسات والأحداث الدينية والثقافية في العراق لأغراض استخبارية.
وذكر التقرير أن العديد من عملائهم العراقيين، يتم توظيفهم خلال الزيارات الشخصية للمواقع الدينية الشيعية في العراق، إذ أن ذلك “يوفر غطاءً جيدًا لاجتماعات التجسس”.
ومن أجل تجنب خيانة عملائهم في العراق، كان الإيرانيون أكثر استعدادًا للثقة في المخبرين الذين كانوا من الشيعة العراقيين ولديهم بعض الروابط العائلية مع إيران، وفقا للتقرير.
وأشار أحد تقارير وزارة الداخلية الإيرانية حول ضابط استخبارات عراقي أراد التجسس لصالح إيران إلى أن والده لجأ إلى إيران في السبعينيات وأن العميل المحتمل “قضى ثلاث سنوات في المدرسة الابتدائية في إيران”.
وبينما إعتمد الإيرانيون العاملون في العراق بشكل كبير على العلاقات الشخصية والثقافية، تظهر البرقيات المسربة أيضًا أن الإيرانيين اعتمدوا أحيانًا على التكنولوجيا الإلكترونية لإجراء عمليات التجسس في العراق، بحسب الموقع.
عذراً التعليقات مغلقة