لماذا هيْمنَ الغرب على الكرة الأرضية؟

آخر تحديث : السبت 6 مارس 2021 - 3:30 مساءً
لماذا هيْمنَ الغرب على الكرة الأرضية؟
thumbnail عدنان اصفر - قريش

عدنان أبوزيد 

أوروبا التي لا تمثل سوى 8 بالمائة من مساحة كوكب الأرض، تمكّنت بين الأعوام 1492 و 1914 من استعمار أكثر من 80 بالمائة من العالم، ونجحت في نقل مجتمعاتها من حالات الفقر الشديد، الى الغنى الواسع، وأرست بين شعوبها 

الرفاه، والعدل الاجتماعي، كتحصيل حاصل للتطور العلمي والاقتصادي، الذي اتاح حقبة الهيمنة على الشعوب الأخرى. 

لقد سار التاريخ بطريقة مكّنت الغرب الى الآن من تحقيق التفوق على بقية شعوب العالم. في مقابل ذلك، تراجعت أمم لطالما تبجّحت بتأريخها الطويل وحضارتها الموغلة في القدم. 

يقدّم فيليب هوفمان من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الذي يطبّق النظريات الاقتصادية على السياقات التاريخية، قصة تكنولوجيا البارود، كمثال نوعي لطرائق التفكير الأوربي، باعتبار ان هذا الاختراع المفيد والضار في ذات الوقت، من مخترعات الصينيين، لكن الأوربيين تفوقوا عليهم في صناعته، وتوظيفه بوسائلهم المبتكرة، الأمر الذي سمح لهم بالاستيلاء وبسرعة على أجزاء كبيرة من العالم، متفوّقين على الشعب الأصفر الذي يفوقهم عددا، اضعافا مضاعفة.  

وبالنسبة لهوفمان، لم يكن البارود سوى رمز يرتبط بالتكنولوجيا والسياسة والإدارة الناجحة، والأنظمة المالية والضرائب، والثقافة، والتنمية الاجتماعية.  

كانت الهيمنة السياسية لأوروبا الغربية نتيجة غير متوقعة، قبل ان تصبح ماكينة صناعية، وما ان حلّ العام 1800، حتى استولت على 35٪ من العالم على الرغم من كونها أقل ثراءً من الصين أو الشرق الأوسط.  

لا اختلاف على حقيقة ان الفتوحات العالمية التي أنجزتها أوروبا الغربية، هي من ثمار الثورة العلمية والاقتصادية، والاجتماعية التي تفوقت فيها شعوب القارة الشقراء على غيرها، ومثلما انجبت العلماء وجهابذة الثقافة والاقتصاد، فقد ولّدت الزعماء التاريخيين، الذين نجحوا في إدارة البلدان بطريقة سمحت للعقل التجريبي والعلم، والفلسفة، في تطوير المجتمع والإنتاج. 

يكمن السرّ لهذا التفوق، في الاستقرار، وحرية الرأي، والعدالة، التي توفّرها الديمقراطيات الحقيقية العتيدة، فمهما توفّرت للبلدان، الاعداد الهائلة من المهندسين والأطباء والعلماء، ورجال الاعمال، فان هؤلاء لن يتمكنوا من تحقيق انجاز، من دون نظام سياسي كَفء.  

يقول هوفمان: في العام 1914، نجت الصين واليابان والإمبراطورية العثمانية فقط من التحول الى مستعمرات أوروبية. وقبل ألف عام، لم يكن أحد يتوقع التفوق الأوربي، على الإطلاق، لأن أوروبا الغربية في تلك المرحلة كانت متخلفة بشكل ميؤوس منه، وضعيفة من الناحية السياسية، وفقيرة، وكانت تجارتها الرئيسية الشاقة، ولمسافات طويلة هي الرقيق.  

كانت الهيمنة السياسية لأوروبا الغربية نتيجة غير متوقعة، قبل ان تصبح ماكينة صناعية، وما ان حلّ العام 1800، حتى استولت على 35٪ من العالم على الرغم من كونها أقل ثراءً من الصين أو الشرق الأوسط.  

ثمن تفاصيل أخرى تتعلق بالتفوق الأوربي، وهي ان العلوم، والوعي الاجتماعي والصحي، جعل الأوربيين في مناعة من الأمراض، مثل وباء الجدري الذي عصف بالمكسيك، والأدواء التي قتل الملايين في الهند، وجنوب شرق آسيا. 

المنظور التاريخي يفسّر أيضا، كيف انتقلت الهيمنة من أوروبا الغربية الى أمريكا منذ أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين، ومن المحتمل انتقالها الى شعوب أخرى، في عالم ما بعد أمريكا المتوقّع الحدوث في منتصف وأواخر القرن الحادي والعشرين. 

 وليس السبب في هذا التحول، الضعف الأوربي أو الأمريكي، بل لأن الشعوب الأخرى عرفت سرّ التفوق، وأخذت به، لكي تنافس أصحاب السرّ أنفسهم، الذين أفلتوا من مورفين التاريخ، وسجلاته الكئيبة، وقصدوا المستقبل. 

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com