سور نينوى العظيم .. وما يجري

سور نينوى العظيم .. وما يجري

آخر تحديث : الجمعة 26 مارس 2021 - 11:57 مساءً

آثارنا وأنظمتنا وحساسيتنا المفرطة

مروان ياسين الدليمي

يتوجب علي ان اكون حذرا ، بل في غاية الحذر ، حتى لا اكون في موضع الشبهات، او ان تلصق بي تهمة جاهزة ، وانا انتقي كلماتي ، قبل ان اكتب عن حرص الانظمة السياسية التي حكمت العراق قبل العام ٢٠٠٣ ، منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة عام ١٩٢١ ، على وجه خاص في قضية تعاملها مع الاثار ، سواء كانت بابلية او اشورية او سلجوقية او فارسية او عربية .

 نينوى - قريش

ليست  مفارقة ان تجتمع كل الانظمة والحكومات رغم اختلافها ،في المنهج والطغيان والقمع ونمط الحكم البوليسي ، على ضرورة الاهتمام بالاثار والحفاظ عليها  . وصور الاهتمام كثيرة ،بعضها مازالت شاخصة، سواء في اقامة المتاحف او اقامة نقاطة الحراسة عند  المناطق الاثارية ، او اصدار الكتب والمطبوعات المتنوعة التي تعنى بها ، او تعيين ابرز الشخصيات الاثارية على راس اهم المؤسسات الحكومية مثل العلامة طه باقر ، وبهنام ابو الصوف ، وداني جورج .

 نينوى١ - قريش
هدم السور

لم تتردد الانظمة المتعاقبة على انزال اشد العقوبات بحق كل  من يتجرأ المساس باثار العراق الحضارية ، ووصلت العقوبات بهذا الخصوص ، الى اصدار الحكم بالاعدام في منتصف تسعينات القرن الماضي ، على اثنين من اللصوص تم القبض عليهما، بعد ان ثبت تورطهما في سرقة” ثور مجنح” كان قد  اكتشف في حينه ، في الموقع الاثري الذي يقع تحت جامع النبي يونس  في مدينة  الموصل، وكان اكتشافه حدثا لافتا تناقلته وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية ، حيث اعتبر الثور المكتشف ، من اندر القطع النحتية الاشورية ، وذلك لحجمه الكبير ، بالشكل الذي تفوق على بقية النماذج الاخرى المشابهة له ، والتي سبق ان تم العثور عليها في عدة مواقع من محافظة نينوى .

ولكي تسهل عملية نقله، نظرا لوزنه الثقيل جدا ،عمد اللصان الى استخدام  منشار خاص في تقطيعه ، الى ثلاث قطع بشكل متساو ، حتى يتمكنا من اعادة تشكيله بنفس حالته الاولى ،  عند بيعه  .

ازاء ما اقدما عليه من فعل يجرمه القانون العراقي ، تم تنفيذ حكم الاعدام بحقهما  ، ولم تفلح كل الوساطات العشائرية التي بذلت لتخفيف الحكم .

وبقدر ما كان قرار الاعدام قاسيا ووحشيا ، بحق الحياة الانسانية،من وجهة نظر القوانين الدولية التي تدافع مبادىء   وحقوق الانسان ، بقدر ما يعني ان السلطة كانت لاتتسامح مع من يحاول العبث بالاثار .

من الصعب ان استرسل في تدوين قناعاتي حول موقف  الانظمة السابقة، ازاء قضية مثل الاثار ، وقضايا اخرى غيرها، لاعلاقة لها بممارساتها السياسية،من غير ان اكون اشبه بمن يسير في تقاطع نيران ، اذ ينبغي علي ان استبعد اي مفردة من الممكن ان يسقطني كثيرون ، بسببها  ، في خانة المداح والطبال للانظمة ” الدكتاتورية ”  او انني احاول التلاعب بالالفاظ ، بقصد تبرئة صفحاتها ، من تاريخها القمعي ، وطائفيتها ومقابرها الجماعية.

ولكن من غير الممكن ان تتوقف ذاكرتنا  عن العمل، ونحن نتابع مسلسل سور نينوى الاشوري ، وتصاعد احداثه الدرامية ، خاصة وان شخوصه المؤثرة بالاحداث ، منهم ماهو معلوم ومنهم ماهو مجهول، هذا اذا ما اخذنا بنظر  الاعتبار، ارتفاع بورصة اسعار الارض التي اقيم عليها الشارع القديم  المحاذي  للسور ، الذي يبعد عنه مسافة ٢٥ م ، فالارقام بدات تتحرك بشكل سريع ، بدات بمبلغ  ( ٨ ) مليار دينار ، ثم ( ٣٠ ) مليارا، وهاهي تصل ليلة امس على لسان احد مسؤولي المحافظة الى ( ٩٠ ) مليارا  ، والمزاد على مايبدو لن يتوقف ، طالما ان القضية ، قد اصبحت في مرمى المتضاربين ، والمتصيدين بالماء العكر.

وعليه سيكون من الصعب تخمين الرقم الذي سترسوا عليه المزايدة ، لان الوقت مايزال مبكرا على غلق ابواب المزاد .

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com