أوجه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

آخر تحديث : الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 5:02 مساءً
أوجه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

محمدعياش

69161653 2630794903630076 1746673894028214272 n - قريش
محمد عياش

– كاتب ومحلل سياسي 

   يقول الزعيم الغاني كوامي نكروما ، إن دخول فيل في ثقب الإبرة أسهل بكثير من أن تقوم دولة احتلال بتقديم النصائح للبلد المُحتل . تنوي الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب ( الكامل ) من أفغانستان و‘‘ تتمنى ’’ لهذا البلد السير بركب الحضارة والتقيد بتعاليم المجتمع الدولي والسير وفق ما تراه واشنطن .

   لا شيء في ذهنية الدولة الأمريكية اسمه الانسحاب ، ذلك باعتبار العالم كله مسرح لعملياتها وتجاربها وسيطرتها … السؤال الكبير ، لماذا وجود الولايات المتحدة في هذا البلد الفقير ؟

   إن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن نيته الانسحاب الكامل من أفغانستان له وجوه عدة ، أهمها ، إغراء روسيا والصين بالعودة لهذا البلد الفقير واستنزاف قدراتهم الاقتصادية باعتبار أن التكلفة التي سيحتاجه هذا البلد كبيرة جدا ً ، ذلك ستعتبر كل من روسيا والصين الولوغ إلى أفغانستان بالضربة الموجعة لواشنطن من حيث الكيدية السياسية الحاصلة بينهما .

   الوجه الآخر للانسحاب ، ترك السلطة الحاكمة بلا ظهر لمعرفتهم بقوة حركة طالبان بالوصول إلى كابول واستلام السلطة على غرار ما حصل في قطاع غزة عندما قرر المجرم أرئيل شارون الانسحاب الأحادي . وبنفس العام أجريت الانتخابات التشريعية التي أفضت بوصول حركة حماس للسلطة . السؤال هل تحرر القطاع من الاحتلال الإسرائيلي ؟ الجواب لا ، لا يزال قطاع غزة محاصر بشعبه الذي قارب على الملونين نسمة ، حيث يعتبر هذا الحصار الجائر وصمة عار بجبين المجتمع الدولي الذي يستنفر كل جهوده لسن القوانين والتشريعات للحفاظ على البيئة والحيوانات وحقوق المومسات والمثليين …

   إن قبول الجلوس الأمريكي مع حركة طالبان والمفاوضات التي جرت في الدوحة ، أعطت واشنطن ورقة قوية ، باعتبار الطرفين المتخاصمين سلطة أشرف غاني وقوة طالبان المهيمنة على ثلاثة أرباع البلاد ، أصبحا تحت جناحها ، الأمر الذي سيأخذ الوقت الكبير لاستقرار هذا البلد ، كما يجري من أحداث دموية في اليمن فالطرفان لهما علاقات مع واشنطن ، وتعين مندوب لها وللأمم المتحدة والأزمة مستمرة !!!

   وأهم وجه ، عودة المقاتلين المؤدلجين عقائديا ً لمقارعة الروس والصين بدلا ً منها ، لمعرفتها الأكيدة من الجماعات الراديكالية التي لا تقبل بأي وجود أجنبي على أراضيها ، ذلك تخفيفاً من الضغوط التي تمارس من بعض المسؤولين بمجلس النواب على عدد القتلى من الجنود الأمريكيين وعدم نجاعة الوجود الأمريكي هناك .

قرار الانسحاب ماكر بمعنى الكلمة من دلالات ومعان ، واشنطن تعي كل خطوة تخطوها ، ذلك أن هذا البلد لن ينعم بالاستقرار والأمن والأمان ، لأن الأمريكان لم يكشفوا عن عدد القواعد والمليشيات التابعة لها وعن الأشخاص الذين دربوا بليل للقيام بخدمتها وقتما تشاء ، وماذا عن استخدام الأجواء الأفغانية ؟ أليس بالجدير أن يتم احترام سيادة الدولة وحدودها وأجوائها ؟ .

يكون الانسحاب كامل ، عندما تتغير العقلية الأمريكية الشايلوكية التي تعتمد لا شيء مقابل لا شيء . عندما تحترم القوانين الدولية بإعادة الحقوق لأصحابها  ، عندما تتوقف عن إشعال الحروب والفتن . عندما تعترف للشعب العربي الفلسطيني بعدالة قضيته ، هذا الأخير هو بيضة القبان العالمي من دونه لن يستوي الميزان الأمريكي ولن يكون منصفاً ، ستبقى مستمرة بغيها وضلالها حتى يأذن الله بالخلاص منها على أكتاف الشرفاء في هذا العالم .

 ومع ذلك تساورني الشكوك بالانسحاب لثبات الذهنية الأمريكية.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com