د فدوى أحماد
كاتبة من المغرب
تحديات السياق العولمي..
أحدثت ظاهرة العولمة تحولات عميقة في شتى مظاهر الحياة وتجلى ذلك بصفة رئيسة في أنظمة العمل وظروفه ومجالاته.. وهذه التحولات تتفاوت من دول إلى أخرى نتيجة وضعها الحضاري..لكن لا مناص من التماس طرق التكييف والملاءمة وما يتبع ذلك من مراعاة نظام القيم المجتمعي.
هجرة الكفاءات الشابة..
فرضت ظروف المعيش في البلدان النامية هجرة كثير من كفاءاتها بهدف الالتحاق إلى فضاءات أكثر استجابة لتحسين ظروف العيش وتطوير الكفاءات الفردية ..
إن المغرب يتميز بقاعدته الدمغرافية الشابة وهذا ما تؤكده البيانات الإحصائية..وهذه الكفاءات غالبيتها العظمى شبابية ذات إمكانيات وقدرات ومهارات وكفاءات عالية في مجال الابتكار وما شابهه.
إن الظرفية الراهنة اتسمت بتفشي جائحة كورونا، وهذه النقمة كانت في طيها نعمة، حيث تنوعت مبادرات الأشخاص في تصنيع أدوات واقية وصناعة أجهزة تنفس اصطناعية وسد حاجيات الناس من الكمامات والملابس والأقنعة الواقية في زمن قياسي تميز بظاهرة الابتكار الشبابي لدى كفاءات مغربية..
واللافت للنظر أن ظاهرة هجرة الكفاءات تزداد نموا واتساعا، وهذه الظاهرة تستفيد منها دول الاستقبال في أوروبا وأمريكا وغيرها..والمفارقة الكبرى أن هذه الدول لم تكن لها مسؤولية رعاية الوافدين ولم تتحمل متطلبات تكوينهم ليبقى الخاسر الأكبر من هجرة الكفاءات البلد المصدر !
وفي الوقت الذي يشتد التنافس بين الدول لاستقطاب الكفاءات والأدمغة نبقى في المغرب والعالم العربي لا نعير اهتماما لرأسمالنا البشري، وهو أمر غير مقبول عقلا ومنطقا ويستدعي في الآن ذاته التماس حلول موضوعية للحد من هذا التبذير لكفاءاتنا..
إن الحكمة والحكامة تقضيان بإيجاد حلول لمعضلاتنا الاقتصادية والتعليمية، وضرورة إعادة ترتيب الأولويات خاصة أولوية تطوير البحث العلمي ورعاية الكفاءات الوطنية..
الرأسمال البشري الشاب ثراء وطني يقع عليه المعول في مجالات نهضوية تمس جوانب علمية وفنية ومهنية ورياضية..وإن الاستغلال الأمثل والتوظيف الأرقى لهذا الرأسمال الواعد لن يتم في غياب تعليم يراعي الكفاءات الفردية ويصونها في إطار حكامة تربوية تسمح نتائجها بمواجهة تحديات المستقبل..
وهذا الأمر ليس مرتبطا بالحالات الفردية الشابة فحسب بل هو ممتد إلى أطر الرعاية التربوية والتعليمية من أساتذة وإداريين؛ لأن الإبداع، إبداع المعاني أو الأشكال لا يتم من فراغ ولا يمكن أن يكون نتاج الصدفة .
إن المسؤولية تفرض أن نبحث عن هذه الكفاءات فنرعاهم رعاية شاملة كاملة.
مقال خاص ل “على ضفاف الرأي” – صحيفة قريش – لندن
عذراً التعليقات مغلقة