محمد عياش
– كاتب ومحلل سياسي
عندما علم هتلر بأن سوريا انضمت إلى الحلف المعادي ، حينها سأل أين تقع سوريا على الخريطة ، فطلب قطعة نقود معدنية ووضعها على سوريا مغطياً بذلك وجودها ، وقيل أيضاً على لسانه أن خطرها زال بهذا الإجراء ، أي وضع قطعة النقود على مكانها الجغرافي .
أعتقد أن هذه الرواية فيها الدس والأباطيل والأراجيف ، وليس فيها إلا العكس تماما ً ، فاجتماع على مستوى التفكير باحتلال العالم ، من أين لقطعة النقود أن تظهر ؟ وإذا صحت الرواية بوجود قطعة نقود فهذا يدل على مكانتها الاقتصادية والجيو- سياسية في العالم ، لأن هناك قاعدة غربية تقول ، على الدول الإقليمية أو العظمى إذا ما أرادت أن تتحول إلى إمبراطورية عليها الاستيلاء على منطقة أوراسيا والوطن العربي قلبها النابض .
إن تصريحات مهندس السياسة الأمريكية الذي لم ينفق بعد هنري كيسنجر تثبت صحة الرواية الثانية بقوله ، الاستيلاء على سوريا يعني الاستيلاء بالتبعية على الشرق الأوسط . يعنّ ذلك بأن المحرفين للمعاني والكلمات لهم مآرب أخرى وهو حرف الحقيقة الساطعة بأهمية سوريا .
منذ استقلال سوريا لحين استلام الرئيس الراحل حافظ الأسد الحكم في سوريا 22 / شباط عام 1971 ، كانت تعد من دول « الموز» ! وهذا مصطلح كان يطلق على الدول التي تكثر فيها عمليات الانقلاب وعدم الاستقرار السياسي ، والحقيقة أن الرئيس الراحل أرسى الأمن والأمان طيلة فترة الحكم ، حتى أصبحت سوريا تتغلب على دول عظمى بهذه الميزة .
في 17 تموز عام 2000 استلم الرئيس بشار الأسد الحكم بعد وفاة والده ، لتستمر المسيرة ذاتها على المستوى الداخلي والخارجي ، مثلما خطط مسارها الرئيس ، سارت على المبادئ والثوابت ، والتمسك بالحقوق الشرعية المنصوص عليها ضمن الدستور السوري ، والأهم إعادة الجولان ، ودعم القضية الفلسطينية حتى آخر رمق ، ولم يكتف بذلك ، بل دعم المقاومة اللبنانية ومساندتها في طرد المحتل الصهيوني من الأراضي اللبنانية ، وحتى هذا اللحظة لم تتزحزح سوريا على مبادئها قيد أنملة .
إن عام 2009 هو عام العار والأكثر خزياً للكيان الإرهابي وهذا باعتراف جدعون ليفي في صحيفة هآرتس ، بينما هذا العام هو عام سوريا إذ حصل الرئيس بشار الأسد على المرتبة الأولى باستفتاء قامت به شبكة ccn بنسبة 67 % من أصوات المشاركين بالتصويت وذلك للمجهود الجبار الذي قام به السيد الرئيس بنقل سوريا من زاوية الحصار الدولي والاستهداف الممنهج ، إلى الانفتاح والاحترام والتقدير للمواقف والسياسة السورية على الصعيدين الإقليمي والدولي .
زادت النقمة أكثر فأكثر على سوريا واستهدافها ، بإصدار القرار 1559 الذي تضمن كل إملاءات كولن باول لسوريا والتي تقضي بمساعدة سوريا في القضاء على المقاومة الفلسطينية ، والمقاومة اللبنانية ، والمقابل نيل الرضا الأمريكي ، إلا أن الرئيس الأسد وجه صفعة قوية لباول برفضه هذا القرار ، وزاد تمسكه بالحقوق الشرعية للشعبين الفلسطيني واللبناني .
اتحدت الفصائل الإقطاعية التابعة لملكي فرنسا وبريطانيا وحكام الإمبراطورية الألمانية بقيادة إمبراطورها فريدريك الأول ( هوهانشتاوفن ) الذي دخل التاريخ بلقب برباروسا ( اللحية الشقراء ) وفي حزيران عام 1190 استعدت هذه الجيوش للمعركة الفاصلة ضد قوات صلاح الدين ، ولكن فريدريك برباروسا غرق في 10 حزيران في ظروف غامضة عند عبور نهر في سوريا ..الأمر الذي أدى إلى تفسخ الجيش .
بوندار يفسكي :
( الغرب ضد العالم الإسلامي )
هذه الجزئية كتبتها لنؤكد أن هتلر يطلع على التاريخ ، كما كان حريصاً على أن لا يفشل في مخططاته في السيطرة على العالم وحكمه تحت ما يسمى نظريات الدم الآري المتفوق على كل البشر .
ونحن بدورنا نقول كما قال عباس محمود العقاد ، من وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارا إلى عمره ، ومن لم يع التاريخ في صدره ، لم يدر حلو العيش من مره . فالتاريخ ضروري والاطلاع عليه مهم حتى يعلم الناس مكانة المكان والزمان والأهمية التاريخية ، والاستفادة منها في الحاضر وبناء الاستراتيجيات وفق ما ينظر إلينا أعداؤنا .
التاريخ والزمان والمكان أجمعوا أن سوريا مفتاح النصر إلى فلسطين ، أي أن المخططات والمؤامرات عُرف سببها ، ولم نستغرب لأن القضية عادلة والحقوق الشرعية للعرب والمسلمين تواجه أعتى قوتين بالعالم الصهيو – أمريكية ، وقالها يوما بن غوريون وهو ينظر باتجاه سوريا عندما سألته غولدامائير عن سبب تجهمه وشحابة وجهه ، فأجابها قائلا ، كيف لا أكون متجهم الوجه وشاحب ، والدولة الوليدة يحيط بها الأعداء من كل جانب .
اقرأ ايضاً
عذراً التعليقات مغلقة