جواد الحطاب
مارست الجامعات العراقية ومنذ تأسيسها دورا معرفيا مهما بغية ايجاد رابطة ثقافية بين طلبتها وبين الأدباء وعموم المثقفين، والى سنوات قليلة كانت هذه الظاهرة الحضارية موجودة، لكنها – اذا لم تكن غائبة – فانها اليوم أشبه ما تكون بها ، للأسف …
مرات أعود، وفي حالة زهو، الى استذكار قراءاتي في كلية الفنون الجميلة، أيام الكبير فاضل خليل، والفعاليات التي كان يبتكرها كاظم النصار وعبد الخالق كيطان، ورضا ذياب، وكريم رشيد، اما (قسم التربية الفنية) فكان مرتعا لنا في عهد الدكتور عقيل مهدي، ود حسين الانصاري، ود حسين علي هارف ..وحتى الكليات البعيدة – في الأقل – عن التوجّه الثقافي، كانت توجّه دعواتها للأدباء ليشاركوا معها في (يوم الكلية) واتذكر هنا قراءتي مع الكبير عبد الرزاق عبد الواحد بيوم تأسيس (كلية القانون) في الأعظمية ..
فضلا عن معاهد مختلفة الإختصاصات …هذه الأجواء، حتى قبل جائحة كورونا، افتقدناها ، ولا اريد ان اقول بان الكليات لم تعد تسعى لإحياء هذه الرابطة الثقافية القديمة، او ان الأساتذة باتوا يرون ان مستوى الطلبة لم يعد يشجع على ذلك ، لأن اغلب (الغاوين) الذين يتواصلون معنا هم من طلبتهم ، ولهم رؤاهم المحترمة فيما يقرؤون لنا او لغيرنا..بالتأكيد، ثمّة من يقول ان وسائل التواصل الاجتماعي باتت هي القاعات والمسارح الجامعية التي نتواصل عبرها، هذا صحيح بجزئه النظري ..لأنّ اللقاء – النظري- غير اللقاء العملي، حيث يبقى التفاعل مع الضيف – شاعر، او قاص، او مفكر- وجها لوجه.. له ابعاد حميمية بشكل آخر…باعتزاز كامل اريد ان استعيد استضافتي من (قسم اللغة الروسية)، كلية اللغات في جامعة بغداد ..واستذكر كيف احتفى القسم بالحطاب، بعد ان وزّع قصائده على الطلبة المتفوقين لترجمتها الى لغة بوشكين،
ولا يمكن لكم ان تتخيّلوا مقدار سعادتي وانا أنصت للمترجمين الشباب، وهم يقرؤون نصوصي أمام أساتذتهم وزملائهم، لأدعى بعدها الى ان أقرأ القصائد التي ترجمت، فضلا عن قصائد أخرى..بعد هذا الألق يرتقي المنصّة الدكتور الناقد جليل كمال الدين استاذ الأدب الروسي، ليتحدث عن التجربة، ورؤيته لها من خلال ديواني الأول (سلاما ايها الفقراء) والذي نشره – فيما بعد – مقالا بجريدة القادسية ..هو استذكار..عسى ان يشكّل هذا الإستذكار حجرا في مياه الجائحة ….
عذراً التعليقات مغلقة