نزلةُ سؤال…
عزيز فهمي
شاعر مغربي مقيم في كندا
لا ألف في أبجدية الظل
ولا ياء
كيف إذن تفسرين
يا بلقيس
نواياك للنمل..؟
للهدهد لغة أخرى
لولا أن منقاره يرفض الكلام
فتظل سبأ عرضة للتأويل
حديقة للتخمين
عرضة لصياغة عدن جديدة
تليق بالحور المدربة
على غواية الشياطين
لذا نصوغ كما عودتنا الأيام خطبتنا
نستحم في جب المحال
نقول
“للبيت رب” وننتظر
ونقول
تاء التأنيث مبسوطة دائما
ونضحك لأننا نبكي
ونقول
“نمشي إلى ما سيأتي”
دون أن نعرف الطريق الذي منه
سنذهب كالواوات
حين تُلاقي بين النقيضين
تحتار أيهما تختار
فتفرح وتحزن
تتحدث همسا كشفاه مخمورة
عما تحبل به الجملة من معنى
ما تتشدق به كان في مملكة الحكي
من يقين
فكلنا يحكي ويحلم
كي ينجوَ من شكه
ولا يتألم
لذا دعيني أداوي هوسي
باستضافة القمر ليلة واحدة
حين يكون صغيرا
كرموش عينيك
حين يكون وديعا
كنظرتك الخجولة في مرآة الصباح
وكبسمتك في العشية
تحت دالية من الآه
تتراقص تحتها حبات العنب
كلما لامستها حبات القبل
أعلقه جنب السرير
كي ينير ما سأُسِرُّ لك من كلام
يضئ الطريق لنبضك الجميل
دون لف ولا دوران
لعل ظلالنا تخبرنا بحقيقة هذا الزمان
لأننا سنرحل
الليل ينادينا
والنهار المتعب بعريه
يبدو أمامنا واضحا
لا تنقصه إلا إشارة يد من بعيد
فيَهِلُّ في تذكرة السفر الغيابُ الأكيد
حاولنا البقاء
كما يحاول الفيل المرور
من ثقب الإبر
ينجح حين يترك خرطومه خارج اللعبة
فالخراطيم كالأنوف
كلما تدخلت في شيء أفسدته
لذا لن أثقل حقائبي بالنسيان
أريد أن يُذَكِّرني دائما فم الزمان
بغصن الزيتون الذي نقشت عليه
ما أخبرني القلب به من أحزان
لأني كنتُ أخيط الشوق بالنداء
أنا المصاب بنزلة سؤال
لا جواب تستطيع أن تصوغه
لغة الظلال
إنْ باءتْ حروف الشمس بالخيبة
في واضحة النهار
وفرت عنها خطوط الربط
بيني وبين ما يتَمَثَّلُ
فيكِ
مِنِّي
إني تعبتُ بحثا عن مفاتيح اللغات
لأومن بي
أكفر بكل الظلال
سوى ما تَشِمُه ألَماً
الشموع المُكتوية بالمحال
كي تزيل الظلمةَ عن مآقي عينيَّ
تصرخ صامتة تتلوى وجعا
كبرمثيوس المقطوع اللسان
فأفهم ياء الظل
وألف الضياء
أنادي
أي الظلال أحق بي
في هذه الظلمة البيضاء…؟
لكني ألبس غربتي
أرتدي وحدتي
ولا أسأل…
لا أسأل….
فكل الأسئلة مصابة بحيرة الفهم…
القصيدة خاصة لصحيفة قريش -ملحق ثقافات وآداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة