جبار عبدالزهرة
العراق
قبل كل شيء لا بد من النزول عند رغبة البعض الذي يتسائل ما معنى كلمة طالبان ولماذا جاءت باللغة العربية ولم تأت بلغة اهل البلد :- هذه التسمية تحمل دلالة دينية ودلالة شرعية وبما ان طالبان تدعي انها تدين بالاسلام ولغة الاسلام وكتابه القرآن هي العربية لذا كانت التسمية بهذه اللغة وتعني على وجه الدقة :- ( طالب العلوم الدينية وطالب الحكم باسم الشريعة ) وتمت تثنيتها عربيا – طالبان—0
رغم ان أفغانستان تتاخم من الشمال طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان، وللطاجيك والأوزبك وجود عرقي في أفغانستان، يصل إلى قرابة نصف الشعب الأفغاني غير ان التوافق الايديولوجي العقائدي بينهم وبين الافغان يجعلهم بمنأى عن اي فعل عدواني من طالبان 0
بيد ان ما يدفعنا الى تناول قضية مصير الشيعة في افغانستان رغم انهم مواطنون افغان من الناحية الانتمائية البشرية كما سياتي هو العداء الايديولوجي العقائدي بين الايديولوجية المتشددة التي تتبناها طالبان بالتوافق والتناغم مع تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة ضد الشيعة كانت وما زالت مبعث قلق يسيطر على الاطراف الشيعية خاصة في العراق وايران اكبر مركزين للطائفة الشيعية في العالم على الشيعة في افغانستان وذلك لان الشيعة فيها اقلية ولا تزيد نسبة وجودهم السكاني على 20% من مجموع مكونات التركيبة السكانية لهذا البلد،
وياتي القلق والخوف على مصيرهم في افغانستان، لأنّ طالبان تنتمي الى الغالبية السنية لسكان هذا البلد والتي تصل اكثر من 80% وهي متعاونة بشكل وثيق وعميق كما اسلفت مع تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة اللذين يبيحان استخدام العنف ضد الغالبية العظمى من اهل الارض ممن خطهم الديني الدموي ومنهم الشيعة ، وذلك لأن الشيعة بشكل عام في اي بلد هم عرضة للتكفير من قبل الفصائل الاصولية الاسلامية المتشددة ومنها تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة وهذه تنظيمات تعمتد اكثر ما تعتمد على تكفيرهم على فتوى للشيخ محمد عبد الوهاب جاءت في كتابه الدرر السنية قال فيها:- ( الشيعة كفار وكل من شك بكفرهم فهو كافر ) ويرى بعض المهتمين بالفكر المتشدد ان الشيخ محمد عبدالوهاب وان افتى بكفر الشيعة غير انه لم يامر او يفتي بقتلهم وان ذلك جاء بعد موته على يد المتطرفين الاصوليين في حركته الذين رأوا على حد زعمهم الافتائي ( الشهادة لا تعصم ) من القتل ومصادرة الحقوق واضافوا ذلك الى فتواه وهو :- وكفرهم (الشيعة) كفر اكبر مخرج لهم من الملة يحل معه قتلهم رجالا ونساءا واطفالا ومصادرة اموالهم وممتلكاتهم 0
غيران المؤشرات الواقعية بعد استيلاء طالبان على السلطة في افغانستان بهذا الشكل المذهل والسريع الذي فاق كل التوقعات رغم ان الولايات المتحدة قد انفقت اكثر من (83) مليار دولار لبناء جيش قوي من الناحية التدريبية والتسليحية في افغانستان من اجل حماية الحكومة الديمقراطية في افغانستان والتي تم تشكيلها بالتعاون بين امريكا والافغانيين فقد تخلى هذا الجيش عن مواقعه لطالبان كما غادر الرئيس الافغاني اشرف غني الى قطر معلالا مغادرته كانت لحقن الدماء 0
لقد افرزت هذه المؤشرات جملة من المعطيات ملموسة على الواقع منها ما يشيرالى ان طلبان ستعتمد الاعتدال والتساهل وعدم اللجوء الى الحرب والعنف ضد الشيعة كما فعلت في حكمها السابق لافغانستان قبل 20 عاما فقد قتلت الكثير منهم بالتعاون مع تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة بيد انها خلال اجتياحها الحالي لافغانستان قد اعطتهم الطمانينة والامان ومن تطميناتها لهم فقد سعت طلبان الى ارسال رسائل تطمينية الى المجتمعات الشيعية في المدن التي يتمركزون فيها وخاصة العاصمة كابول ومزار شريف وقندهار وغزنة كما اعطتهم الحرية المطلقة في ممارسة طقوسهم وشعائرهم الحسينية لهذا العام الهجري فلم يتعرض مقاتلو طالبان بسوء للشيعة خلال تلك الممارسات لا بل ان بعض قادة طالبان زاروا المناطق الشيعية وشاركوا في الطقوس الحسينية لهذه السنة ومما يصب في هذا المجرى مجرى الاعتدال الطالباني والرغبة في التعايش السلمي مع الاخرين ومنهم الشيعة هو استئناف ايران بضخ صادراتها النفطية الى افغانستان استجابة لطلب من بعض قادة طالبان ،وهو دليل على الانفتاح الفكري الطالباني تجاه الشيعة الذي واجهته ايران من جهتها سبضخ النفط0
ولا بد لنا من العودة الى القول من ان الشيعة في افغانستان اقلية امام القوميات والاقليات العرقية الاخرى هناك وانهم يفتقرون الى القدرات القتالية التي تمكنهم من الدفاع عن انفسهم غير ان حقهم كمواطنين افغان يستدعي من طالبان التخلي عن منهجها الايديولوجي المتشدد وخطها التكفيري الذي يتسم بالعدوانية الدموية ضد الشيعة وان تنتهج سياسة التعايش السلمي وقبول الاخر من ابناء جلدتها ووطنها رغم التقاطع الفكري او الثقافي معه، وذلك لأن التعددية العرقية والايديولوجية موجودة في التركيبة السكانية لمعظم بلدان العلم ولا يعقل من شريحة اجتماعية لديها قدرات عسكرية فائقة وكثافة بشرية كبيرة ان تستخدم ذلك ضد الاقليات الوطنية الاخرى التي تشاركها الانتماء الوطني في هذا البلد او ذاك لا بد من التفاهم والتعاون معها من اجل تحقيق حياة حرة كريمة للجيل الحاضر ورسم مستقبل مزدهر للاجيال القادمة وهذا ما اراه مطلوبا ويراه الناس الاخيار معي من اهل البلد الواحد على وجه المعمورة وليس افغانستان فقط لان الاقتتال والصراع والنزاع بين اهل البلد الواحد كل ذلك يؤدي الى خراب البلد ودمار حياة اهله ولطالبان خبرة في هذا الامر اكتسبتها من بين ثنايا الصراع المرير الذي عاشته وعاشه معها اهل البلد خلال حكها السابق لافغانستان، فالمحافظة على الحقوق الوطنية ومنها حق الوجود والعيش بسلام لأي مواطن مسؤولية اية حكومة بغض النظر عن الخط الفكري والنسق الثقافي لطاقم الحكومة 0
عذراً التعليقات مغلقة