أربع قصائد عن : الرحيل
سامي مهدي
شاعر عراقي
رحيل (1)
رحلوا كلُّهم قبلَ هذا المساءْ
رحلوا في الغبارِ الذي انبثَّ في قطراتِ المطرْ
رحلوا في المياهِ التي انسربتْ في الحفر ْ
رحلوا في رياحِ الفصولْ
رحلوا في لُهاثِ الخيولْ
رحلوا في الكلامْ
رحلوا في السلامْ
رحلوا كلُّهم ، رحلوا في الخفاءْ .
.
رحيل (2)
مرَّ عهدٌ طويلْ
منذُ أن أوصدَ البيتُ أبوابَه ..
مرَّ عهدٌ طويلْ
منذُ أن زارهُ طارقٌ ..
مرَّ عهدٌ طويلْ
منذُ أن أهملوا شارعاً كان يفضي إليهِ
وهدَّدَ جيرانُه بالرحيلْ ..
مرَّ عهدٌ طويلْ
منذُ أن رحلوا ، مثلَ من رحلوا قبلهم ..
مرَّ عهدٌ طويلْ
منذُ أن نسيَ البيتُ أسماءَهم
ونسوا أنهم رحلوا ..
مرَّ عهدٌ طويلْ
مرَّ عهدٌ طويلْ ..
.
رحيل (3)
عرباتُ القطارْ
تتفلّتُ من بعضها ..
عرباتُ القطارْ ..
تتباعدُ ، تنأى ، تضيعْ
عرباتُ القطارْ
أسلمتْ نفسَها للهزيعِ الأخيرِ من الليلِ
وادَّثرتْ بالصقيعْ
عرباتُ القطارِ السريعِ _ البطييءِ
البطييءِ _ السريعْ .
.
رحيل (4)
.. ورأيتُ كثيرين منهم وهم يرحلونْ
يجمعونَ حوائجَهم وأمانيَّهم
في حقائبَ مثقلةٍ بالحنينْ
ويجرّونَ أرجلَهم كخنافسَ تائهةٍ
ويزقّونَ أطفالَهم ببقايا الأنينْ
رحلوا صامتين
إلى أفُقٍ تتقلّبُ أنواؤه وتقلّبُهم
بين سخطٍ ولينْ
يحسِبونَ احتمالاتِهم ببقايا دراهمهم
ويُريقونَ أرواحَهم في أباريقَ
ينسَوْنَها في المحطّاتِ أو ..
أو يبيعونها مذعنينَ
لمن يشتريها من المشترينْ .
………
رحلوا..
رحلوا كلُّهم ..
رحلوا غاضبينْ .
صفحة الشاعر
عذراً التعليقات مغلقة