نضحكُ درءاً للجنون…
عزيز فهمي
شاعر مغربي مقيم في كندا
لولاكِ
لأعَدْتُ الأمورَ إلى أولها
كما كانت قبل أن تكون
سأدَّعي أنني لم أكتشف النار بعدُ
فأصطادك وحدك
بين ملايين السنين
وبكل فرح القرود حين تتزاوج
آكل لحمك النَّيِّءَ
أتمدد على ظهري
لا يهمني إنْ كانت الجاذبية
ستسقط التفاحة عليَّ
فتلك مشكلة الحمقى المصابين بالهوس الوجودي
والذين يبحثون عن المشاكل
الذين يحشرون أنوفهم في كل شيء
حتى في مسألة الأرض
يظنون أنها على شكل فمك
أو تكاد
وأنها تتنقل في الفراغ
كقنفذ حين يلتم في منحدر على نفسه
خوفا من الثعالب والكلاب
الغريب أني لا أحس بهذا
فهي ثابتة تحت رجلاي
لذا لا أولي كلامهم أية أهمية
فالكلام لا يجب الاعتماد عليه دائما
وإلا سننشغل بقال وقيل
وتضيع منا اللحظات الجميلة
كهذه حين أضع رأسي في حضنك
فترسمين على صدري خرائط مشاعرك
وكعاصمة لها
تخطين قلبا تخترقه قُبلة
فأنام كطفل وفي فمي بسمة
ما يشغلني جدا
هو إعداد ما ينصرني
على كل من يريد أن يستولي على آهاتك
على الكحل الجميل في عينيك
على ضفائر شعرك التي أتسلقها
كل مساء كي أصعد إلى الجنة
أدرك جيدا أن حربا ما
ستقع
في مكان ما
ربما هنا
لذا لا أنام في الليل تحسبا
لأي طارئ
وكذا لأحاور أجدادي
لعلي أحصل منهم على حكمة
أعتليها في هذا الغموض الغامض
أجدادي يسكنون النجوم
لأنهم لم يقترفوا خطيئة ما
ظلوا ملائكة لهم أجنحة
لا يأكلون
لا يشربون
لا يغارون
لا يكرهون
يغتابون فقط عندما أتحدث معهم
عني وعنك
لا…
هم يحبون كثيرا
هم ملائكة وكفى
كل ليلة هناك أحد أسلافي البررة
يعقد معي لقاء مطولا
نتحدث فيه عن كل شيء
عنك أنتِ أولا
وبعدها نُعرج إلى أشياء تافهة
كدخولنا في العصر الحجري
كان صلدا كما يقولون
وعن ما قبل التاريخ
الذي لم نؤرخ شيئا عنه
ظل في حيز الما قبل
كنا نتوقف كثيرا عند الإغريق
تُعجبنا كثيرا الأساطير
نتساءل إن كانت هي السبب
في تعدد الملل والنحل
وتوزع الأرض إلى قبائل وطوائف
ودويلات
وإلى تحول الإنسان إلى غيره
كنا نطرح هذه الأسئلة
لا أحد منا يعرف الأجوبة
كنا نتلهى ونتسامر
وكنا حين لا نجد ما نقوله
نجمع كلامنا
ونقول تلك سُنة الحياة على الأرض
وسنة الوجود في كل موجود
فنُحدِث ضجيجا بضحكاتنا التي تشبه الرعود
ونفترق
فلا أحد منا
عرف لماذا
ولا لماذا
الشيء الوحيد الذي أعرفه أنا
ومتأكد منه
أني أفعل هذا دَرْءًا للجنون
والملل
وخصوصا كي لا أترك الحلم
بدون حلم
لأني إن فعلت
ابتعدتُ
وابتعدتِ
تحل اللعنة على الأشجار
والأبقار
ويسقط القمر
فلا شِعر يبقى في عينيك
ولا في المطر
فلولاك
ما حكيت عني
وعنك
للذين ذهبوا
ولا للذين سيأتون
لذا سأبقى وحدي
معي
ومعك
ننتظر ما لا يُنتظر
هو سيأتي بدون إذن
ولا خبر….
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة