جبار عبدالزهرة
— النجف – العراق
في معظم الدول العربية ان لم نقل جميعها يشكو المواطنون من حكوماتهم بمرارة والم وحرقة لعدم اهتمامها بمصالحهم وتحقيق حاجاتهم وتوفير لقمة عيشهم وتجسيد الامن والامان والاستقرار لهم فالكل من طواقم الحكومات العربية على مستوى الافراد والمجموع وعلى وجه الخصوص الحكومات التي افرزتها فترة ما سمي بالربيع العربي حكومات كانت الشعوب العربية قد توسمت فيها خيرا وبارقة امل في انتشالها من الاوضاع المتردية التي راكمتها بكوارثها الماحقة الحكومات التي نهضت ضدها تلك الجماهير وقدمت تضحيات باهضة من دمائها ووقتها وحاجاتها فاضطرتها مرغمة الى مغادرة السلطة 0
ثم قامت بعد ذلك بتسليمها (السلطة) الى نفر من القيادات التي اختارتها هذه الشعوب ووضعت ثقتها بها ووضعت بين يديها مقاليد الحكم في هذا البلد او ذاك فكان منها ما كان من العمل السيء باعثا لخيبة امل الشعوب العربية بها والى فقدان الخير منها وضياع الرجاء بها ومن المؤشرات على اجتراحها ما الحق بتلك الشعوب افدح الاضرار التي لا يمكن وصفها لبشاعتها اضرب مثلا على ذلك بادراج بعض البلدان العربية هنا التي لا تهتم حكوماتها بشعوبها لتسليط الاضواء على ويلات الشعوب العربية في ظل هكذا حكومات الاستبداد والتسلط والارهاب 0
** ليبيا بعد الاطاحة بحكم معمر القذافي بقتله في العام 2011م تمزقت ليبيا منذ ذلك الوقت ودخلت في حروب اهلية كان على راس اطولها واكثرها شراسة المشير المتقاعد خليفة حفتر المنشق عن القذافي وذلك بدعم من فرنسا وروسيا ودول عربية فضلا عن النزاعات القبلية الشرسة بين القبائل الليبية التي تجعل من الصعب توحيد ليبيا تحت قيادة تستطيع ان تنهض بالبلاد من الواقع المتردي اجتماعيا وسياسيا وامنيا الى واقع اقتصادي واعد واستثماري ناهض ومتطور يساعد للشعب الليبي الذي امتحن بهؤلاء المتصارعين على ارضه من الداخل والخارج الذين اشعلوا نار الحرب على كل بقعة من ارض ليبيا وجعلها ساحة حرب فيها الكثيرمن الجبهات الكل منهم يقاتل فيها من اجل مصالحه وغاياته الشخصية والتبعية والذين كانوا سببا رئيسا في حرمانه من ابسط متطلبات حياته وهي لقمة العيش ونغبة الماء ودواء المرض 000
واليوم رشح اثنان من المتهمين بقتل الشعب الليبي انفسهما لخوض انتخابات الرئاسة القادمة هما سيف الاسلام معمر القذافي وهو مطلوب من قبل محكة الجنايات الدولية في لاهاي لارتكابه جرائم حرب ضد الشعب الليبي والجنرال حفتر وهو امير الحرب الاهلية التي سالت فيها دماء ودموع غزيرة من الشعب وقد اعلنها في العام 2011م ضد الحكومة الوفاق الوطني السابقة المعترف بها دوليا وكان هدفه السيطرة على ليبيا وفرض سلطانه عليها غير انه لم ينجح وكلاهما في نيته غير المعلنة يضمر العداوة للشعب الليبي وانهما كتحصيل حاصل مستقبلي لهذه النية الشرانية سيغرقون ليبيا بانهار من الدم ويصلون بالمستوى المعيشي لشعبها دون مستوى خط الفقر والمستوى الخدمي اقصى درجات الاتجاه السلبي للمحورين الصادي والسيني0
وفي السياق ذاته طلب المدعي العام العسكري الليبي إيقاف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي، وخليفة حفتر لانتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. الى حين امتثالهما لتحقيق معهما بالجرائم التي ارتكبها كل مههما وهي جرائم قتل المواطنين الليبيين 0
تونس :- تونس البلد العربي الذي ثار فيه التونسيون في العام 2011م ضد حكومة زين العابدين بن على حتى اضطروه الى مغادرة البلاد على متن طائرة مع جميع افراد اسرته واستلمت مقاليد السلطة بعده مجموعة من قادة الحراك الجماهيري ومن ذلك العام لم يلمس الشعب التونسي أي تحسن ولو كان طفيفا في جميع انشطة حياته عما كان سائدا على وجه لوحتها العامة منذ حكم الراحل قايد السبسي ومن بعده المنصف المرزوقي الى اليوم المتجسد واقعا بحكم الرئيس قيس سعيد الذي ضرب عرض الحائط اية خطوة او اجراء من شانه يعززمقتضيات المصلحة العامة لشعب البلاد ويجفف منابع الانهيار وعدم الاستقرار التي تعاني منها تونس منذ ايام ما سمي بالربيع العربي وتوجه نحو اتخاذ اجراءات بدعم واسناد من الجيش والقوى الامنية لتكريس نهج دكتاتوري احادي السلوك السياسي والدبلوماسي واستبدادي التحرك الاداري في تحريك عجلة مفاصل الحياة العامة في تونس وقد ادخل تونس في دوامة من التذبذب السياسي والاداري والفوضى العارمة بحله للبرلمان والحكومة وفرض نفسه الحاكم الاوحد على تونس يصدر عنه الامر والقرار وياتيه كل وارد الى البلاد وشارد منها 0
وقد تعرض سعيد لحملة عنيفة من النقد والرفض الشديد لاجراءاته نذكر منها نصا التالي :- اتهمت المعارضة الرئيس سعيد بتكرار أساليب بن علي، حيث كتب نور الدين البحيري، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة، تحت عنوان “يسقط الانقلاب. تسقط الأساليب البنفسجية”: “مرة أخرى تثبت سلطة الانقلاب أنها لا تملك في مواجهة المطالب المشروعة للتونسيين غير الوعود الزائفة ومنطق القوة والعنف والتخوين والتكفير والتمييز والتحريض على القتل والكراهية والممارسات البنفسجية الكريهة، فبعد عشرة أعوام من احترام الحق في التعبير والتظاهر السلمي والتنقل تحول سلطة الانقلاب كامل تراب البلاد من الذهيبة وبنقردان جنوبًا إلى عين دراهم وبنزرت شمالاً إلى سجن كبير محاط بالحواجز”. 0
وبسبب الصراع بين الرئيس قيس سعيد ومعارضيه تبقى عجلة حركة الحياة في تونس متوقفة عن الدوران نحو افق التحسن والنهوض في اشتراطات انقاذ البلد من تدهور الاقتصاد وتردي حالة حقوق الشعب في العيش المرموق والحياة العصرية ذات الرفاهية والسعادة فالشعب التونسي لم ينهض ضد حكم زين العابدين بن علي المتهم بالدكتاتورية والتلسط الشوفيني ليحل محله دكتاتور آخر اسمه قيس سعيد ليقوم بحل البرلمان وهو مظهر من مظاهر الديمقراطية وشرط اساس من شروطها في أي بلد ينشد التحول الديمقراطي في شكل الحكم ومضامين السلطة 0
*** السودان :- قام العسكر بقيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بتاريخ24/9/2021م بانقلاب ضد الحكومة وقاموا بحل المجلس السيادي واعتقال رئيس مجلس الوزراء الحكومة الانتقالية عبداللة حمدوك وبعض الوزراء والمسؤولين وكان الانقلاب قد حاز على درجة عالية من الغضب والاستنكار داخل السودان وخارجها فعلى مستوى الداخل :- ,ومنذ الايام الاولى للانقاب تبدى ان الشعب السوداني غير راض عنه لذلك خرجت مظاهرات بمئات الاف منددين به ومتطالبين بعودة الحكم المدني تحت قيادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك القائم تحت الاقامة الجبرية لسلطة العسكر الانقلابيين 0
ويقال انه تم اطلاق سراح عبدالله حمدوك واعيد الى موقعه السياسي حسب آخر الاخبار باتفاق بينه وبين العسكر ويبدو ان هذا الاتفاق لم يكسب رضا اطراف سودانية مسؤولة وجماهيرية لذلك تجدد رفضه فعلى خلفيته استقالت البروفيسور فدوى عبدالرحمن مدير جامعة الخرطوم على هذا الاتفاق السياسي الموقع يوم الاحد 21/11/2021م بين البرهان وحمدوك ويفهم من تصريحها في توضيح سبب الاستقالة ان هذا الاتفاق لن يلبي طموح الثوار في الحرية والديمقراطية والنهوض بواقع البلد كذلك رفض الشارع السوداني هذا الاتفاق ايضا 0
وعلى اثره تجدد الاحتجاج الجماهيري فخرجت مظاهرات منددة به في العاصمة الخرطوم وقد وصف تجمع المهنيين السوداني ، في بيان أمس، الاتفاق بـ”الخيانة”، واعتبره “مرفوضا جملة وتفصيلا ولا يخص سوى أطرافه”، وهو “مجرد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب” .
وفي سياق العودة الى ايام ما قبل هذ الاتفاق فقد دعت القوى الرافضة للانقلاب في السودان، الى المزيد من التصعيد المنهاض عقب يوم من الأربعاء الدامي 17/11/2012م الذي سقط فيه 15 قتيلاً، في حملة قمع استهدفت المتظاهرين المنددين بإجراءات الجيش، بالتزامن مع ردود فعل دولية توزعت بين القلق والتنديد والتهديد بقطع المساعدات المالية وعدم المساهمة في تحسين وضعه الاقتصادي اذا لم يتراجع العسكر عن الانقلاب 0
ووصف “تجمع المهنيين” تظاهرات الأربعاء بـ”الملحمة الشعبية والمذبحة مكتملة الأركان”، وقال إن “ما حدث يؤكد على سلامة شعارات المقاومة ولاءاتها الثلاث “لا شراكة، لا تفاوض، لا شرعية”، مؤكدا “مواصلة المقاومة والتصعيد السلمي حتى انهيار الانقلاب كآخر سلطة قمعية، تحول بين السودانيين وآفاق الحرية والعيش الكريم”.000
وفي هذا السياق فان الانقلاب العسكري الذي تمخض عنه الاتفاق الاخير بين حمدوك والبرهان سيلحق اضراركبيرة غير محسوبة النتائج من قبل العسكر فالسودان من البلدان العربية ذات الاقتصاد المضطرب الضعيف لذلك فان الانقلاب سيزيد الاوضاع سوءا ويفاقم معاناة الشعب السوداني الذي ثار ضد عمر البشير من اجل النهضة الاقتصادية وتحسين اوضاعه المعيشية واذا به بعد فترة قصيرة جدا بعد رحيل المتسلط البشير يصحو من نومته ليجد العسكرعادوا الى حكم بلاده بطريقة البشير وهي الحديد والنار وليرتكبوا بحقه مجازر ابادة جماعية على حد تعبير قوى (اعلان الحرية والتغيير) السودانية وفق الاساليب الانضباطية القديمة وهي اساليب تعسفية مارسها البشير لقمع أي تحرك وطني سوداني يتحرك ضده 0
*** العراق :- نحن في العراق منذ الحكومة الاولى بعد العام 2003م الى يومنا هذا ابتلينا بطبقة سياسية حاكمة لا تفهم في السياسية شيئا سوى الصراع فيما بين افرادها على المناصب والحقائب والمكاسب وليس لها في الادارة حظا سوى الاستثمار في الفساد ولا تعرف من الاقتصاد قلامة اظرف سوى تجيير المال العلم عقارات في الداخل والخارج وشيكات ودفاترتوفير وحوالات باسماء المسؤولين واسرهم واسرهم والمقربين منهم وليذهب الشعب العراقي بحسب رايهم الى سقر وبئس المصير 0
واليوم بعد انتخابات العاشر من تشرين الاول 2021م يجري بينهم سجال مر ومرير ليس بالنسبة لهم فهو بالنسبة لهم احلى من الشهد وذلك بخصوص نتائج الانتخابات بقدر تعلق نتائجها باطماع ومصالح الرابح منهم والخاسر فمقتدى الفائز يهدد ويتوعد ويطالب بحل الفصائل المسلحة والخاسر من قادة هذه الفصائل يسخر منه ويقول له (انت زعطوط ) 0
وخلاصة مخض القول يبقى الشعب العراقي يعاني من مرارة العيش والتمرغ على تراب البطالة وينام على حسك سعدان تردي الخدمات لا بل فقدانها 0
في هذه البلدان التي ذكرتها من البلدان العربية كنموذج للدلالة على تردي الاوضاع العامة في كل هذه البلدان وذلك على ايدي حكوماتها مثل مصر وسوريا ولبنان والجزائر وغيرها فالحكومات العربية تتعمد اثارة الاضطرابات في بلدانها فالامور لا تستقيم لها على مستوى القرار الرئيس وغيره من القرارات الا باثارة الاضطرابات والاستثمار فيها لانه من المعروف عن الاضطرابات وعلى الاخص السياسية منها التي تفتعلها القوى السياسية الحاكمة تؤدي الى استخدام القوة من قبل الحكومة ضد الشعب وفي المقدمة المعارضين لسياستها والرافضين لادارتها وهذا يستتلي بدوره تذبذب هائل في كافة مناحي الحياة في أي بلد ويلحق اضرار بالغة الصعوبة والتعقيد بمتطلبات الحياة اليومية للشعب وفي مقدمة اهمها الحصول على لقمة العيش فالناس تقول وتتفق في ما تقول على ان :- (ملئ البطن اهم شيء في حياة الانسان ) فالانسان لا يتحمل فراغ بطنه ويصف لنا الشاعر العربي الشنفرى صراعه المرير مع الجوع ومعاناته الشديدة منه قائلا (الطويل):
اًديم ُ مطال الجوع حتى اْميــــــــــــــــــته ُ— واضرب عنه الذكر صفحاً فاذهلُ
واطوي على الخمص الحوايا كما انطوت — خيـــــــــــوطة ُ ماريٍّ تغارُ وتفتل ُ
ان هدف هذه الحكومات جميعا من عدم استقرار الاوضاع هو استغلالها في السعي نحو صياغة ذات فردية للمواطن وذات جمعية للشعب وفق رؤيتها الانانية وخطتها الانتهازية لخدمة اغراضها ، واداتها لتركيعه هي من طريق تجويعه بعدم توفير لقمة العيش له وتبطيله في عدم توفير فرص عمل له وتغييب الخدمات التي يحتاجها عنه 0
وخوف احتجاجه على سياستها الاستعبادية هذه ومقاومته لها تعمل على قمعه بمختلف الطرق والوسائل المتاحة لديها في بنية القوة المفرطة والغاشمة من اجل الضغط عليه واجباره على الاستسلام لما تمليه عليه وهذا ما يحصل في العراق والسودان وتونس وليبيا وغيرها من الاقطار العربية 0
لقد لخص الشاعر العربي امير الشعراء العرب احمد شوقي هذا التوجه المفرط في السوء وفي ايذاء المواطن من قبل الحكومات وامتهان كرامته والاعتداء الصارخ على حقوقه وتجذير معاناته وترسيخ ماساته وذلك عندما تناول الاحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الاسلامي في ذلك الوقت فهاجم بريطانيا في شعره فنفته الى اسبانيا في العام 1914م وهناك قال قصيدته يا نائح الطلح تعبيرا عن محنته التي تحاكيها اليوم كل محن الشعوب العربية وكل معاناة لها على ايدي حكوماتها المتسلطة الطاغية عليها بالعسف وبمختلف انواع الظلم الاضطهاد :- (البسيط)
يا نائحً الطلحِ اشباه ٌعوادينا — نشجى لواديك َ امْ نأسى لوادينا
عذراً التعليقات مغلقة