أعداء الأمس حلفاء اليوم.. الشراكة والوثيقة

آخر تحديث : الإثنين 15 نوفمبر 2021 - 1:12 مساءً
أعداء الأمس حلفاء اليوم.. الشراكة والوثيقة


الطيب محمد جاده

كاتب سوداني

أعداء الأمس حلفاء اليوم  ، عبارة تعكس واقع العلاقة بين الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع التي تأيد قرارات البرهان وتقف خلفه .

استبشرنا خيراً عندما سقط البشير ، تم توقيع وثيقة دستورية لأدارة الفترة الانتقالية ، وتوقع كثيرون أنّ ذلك سينهي الظلم والاستبداد والعنصرية ، معتبرين أن هذه الوثيقة فرصةً كبيرةً لتحقيق أهداف الثورة حرية سلام وعدالة . وعلقت آمال كبيرة على حكومة حمدوك ، ولا سيما أن أزمات وعقبات كثيرة واجهتها ، كان مردّها الفشل للإطاحة بها كما حدث الآن .

الشراكة لم تدم إلي نهاية الفترة الانتقالية التي حددتها الوثيقة الدستورية ، إذ يبدو أن الطلاق الذي حصل بين قوة الحرية والتغيير والعسكر أعمق من أن يلتئم بمجرد إعلان حكومة من طرف العسكر كما حدث في قرار البرهان الاخير بخصوص مجلس السيادة ، فضلاً عن تورّط أطرافٍ إقليميةٍ ودوليةٍ كثيرة في زيادة تعقد المشهد السوداني، الأمر الذي أفضى إلى عراقيل ومصاعب كثيرة واجهت الفترة الانتقالية ، وعلى كل حال لم يعد الصراع بين المدنيين والعسكر خافياً ، فكل طرفٍ يلقي باللوم على الطرف الآخر بعرقلة الفترة الانتقالية .

عجبا على حركات الكفاح المسلح وهم يساندون الانقلاب ويصفونه تصحيح المسار ، ويمجدون من قتل واغتصب وشرد أهلهم ، بهذا الموقف يتضح جلياً أن نضالهم كان من أجل السلطة وليس إلا . قد أصابني الاستغراب عندما شاهدتهم يستميتون من أجل السلطة ويتناسون اهلهم في معسكرات النزوح واللجوء . يشهد الشارع احتجاجات رفضا لهذه القرارات ويشكك كثيرون في مدى قدرة البرهان ومؤيديه على إقناع هذا المد الرافض لقراراته وسط مخاوف جدية من تأزم الوضع والرجوع إلى المربع الأول قبل سقوط البشير . مرت سنة وتليها أخرى على المرحلة الانتقالية والوضع في السودان كما هو عليه.. لماذا نكذب على أنفسنا حينما نقول أن السودان قد تعدى مرحلة الحكم العسكري ويتقدم نحو الحكم المدني . إن الوضع في السودان يتجه نحو الانحراف والانهيار الواسع في جميع الجوانب سواء سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً أو اجتماعياً.. فإذا نظرنا إلى السودان من الناحية السياسية سنجد أن هناك مماطلة وتوجيه خاطئ من قبل قيادتنا السياسية في جميع الجوانب وهذا الأمر يجعلنا ندرك أن لدى البعض أجندة خارجية . أيضا لا ننسى فشل الأحزاب الذي أصبحنا بسببه نتجه نحو الأسوأ وهو السبب الرئيسي في انهيار السودان ، والأهم من هذا كله هو أن هناك أيادي خارجية لا تريد الحكم المدني للدولة السودانية  وهذه النقطة تأكد لنا أن السودان يتجه نحو طريق مسدود ونفق مظلم لا يستطيع أن ينجو منه.. في الحقيقة لا نعلم إلى أي منعطف ينحدر الوضع ، وإلى أين يتجه هل إلى طريق النجاح في ظل تصاعد الخلافات أم إلى طريق الهاوية وضياع الوطن..

الخلاصة أن العلاقة بين العسكر والمدنيين لن تعود إلى ما كانت عليه ، خلاف واختلاف ظاهره تحسين ظروف المواطن ، والحد من معاناته، وعدم السماح بتقسيم البلد، وباطنه صراع على السلطة وعلى النفوذ حتى وإن أدّى ذلك إلى تفتيت البلاد وتقسيمها . وما بين هذا وذلك، يخوض جزء كبير من السودانييون معركة بقاء يومية ، ولسان حالهم يردّد سؤالاً لا يعرف أحدٌ الإجابة عنه: ماذا يحدث في السودان وإلى أين يسير ؟

السودان ذاهب الى النفق المجهول النفق الذي دخل فيه هو بالتاكيد مستقبل الدولة في المجهول وعندما نكتب ونقول إن السودان ذاهب الى الجحيم تجد إنساناً لا يقرأ الواقع جيد أو أنه مأجور لكي يدافع عن الظلم يقول لك تفائل خير من أين يأتي الخير وكل الدلائل تشير إلي ما لا يحمد عقباه دخل السودان ، نعم التفاؤل لا شك أمر محمود ، ولكن التفاؤل في معناه العميق ليس مسلكا كلامياً إنشائياً فحسب وإنما هو منهج فكري عملي في الأساس ، وأعني بذلك أن التفاؤل لا يمكن أن يصح منطقا وموضوعا بمجرد أن يقول الشخص بأنه متفائل أو أن نفسه مرتاحة من هذا الوضع ، يجب أن يقوم تفاؤله على فعل وعمل من ناحيته ودلالات وعلامات لما هو أمامه . أن التفاؤل الذي أراه أمامي اليوم في الدولة السودانية يعتبر احلام وتمني أي مثل الذي ينتظر أن تمطر عليه السماء ذهبا وفضة وهذا يعتبر من الحماقة وخداع الذات .

 أنا لا أريـد أن أكون متشائماً لــهذا الحـد ولكـن مـا رأيته اليوم في الساحة السودانية جعلني أفقد التفائـل ، أقولها بكل صراحه أن لم نتفق في كيف يحكم السودان ونضع دستور دائم ، السودان سينهار ويصبح أكثر من دولتان كما عليه الحال الآن جنوب وشمال .

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com